ان الدين فضلاً عن الحقائق الثلاث الكبرى التي ينبئ عنها - من وجود الله سبحانه. ورسالته الى الانسان. وبقاء الإنسان بعد هذه الحياة، وهي القضايا الأهم في حياة الإنسان على الإطلاق- يتضمن بطبيعة الحال جملة من التعاليم التي ينصح بها في ضوء تلك الحقائق مع اخذ الشؤون العامة لحياة الانسان بنظر الاعتبار. وحينئذٍ يقع التساؤل عن اتجاه هذه التعاليم، ورؤيتها للجوانب الإنسانية العامة، ومقدار مؤونة مراعاتها او معونتها للإنسان.
ويمكن أن يجادل في هذه المقارنة بأن الجزاء الدنيوي في حقيقته هو أسلوب للتربية والردع صيانةً للناس عن التعرض لانتهاك حقوقهم.
فمن نشأ في أوساط العصابات المجرمة فمارس الإجرام فإنه يعاقب بالسجن والأذى، لأجل تربيته حتى يقلع عنها بما يجده من مضاعفاتها، ولأجل وقاية المجتمع عن الوقوع في مثلها.
وهذا أمر لا محيص عنه، فإن للناس الحق في إيقاف المجرم عن الجريمة - أياً كان سبب جريمته وتعديه على الناس – ومثل هذا الاعتبار لا يرد في شأن عدم الاعتقاد بالدين الحق؛ لأن عقابه في الآخرة ليس على سبيل الردع والتربية؛ إذ لا تكليف بعد هذه الحياة. فبناءُ السعادة والعناء في الحياة الأخرى على الاعتقاد بالدين الحق مع عدم تكافؤ الفرص أمرٌ غير عقلاني.
المصدر/ اتجاه الدين في مناحي الحياة، محمد باقر السيستاني، ص 124.