ان الدين فضلاً عن الحقائق الثلاث الكبرى التي ينبئ عنها - من وجود الله سبحانه. ورسالته الى الانسان. وبقاء الإنسان بعد هذه الحياة، وهي القضايا الأهم في حياة الإنسان على الإطلاق- يتضمن بطبيعة الحال جملة من التعاليم التي ينصح بها في ضوء تلك الحقائق مع اخذ الشؤون العامة لحياة الانسان بنظر الاعتبار. وحينئذٍ يقع التساؤل عن اتجاه هذه التعاليم، ورؤيتها للجوانب الإنسانية العامة، ومقدار مؤونة مراعاتها او معونتها للإنسان.
وأما السؤال - من إناطة النجاة في الدين بالإذعان به وعدم الرضا بسائر الاعتقادات الناقصة أو الخاطئة - فالجواب عنه: إن هذا مما تفرضه طبيعة الحقائق التي بلغ الدين بها، ودوره في إرشاد الإنسان بشكل عام إلى تلك الحقائق ومقتضياتها، فإن ذلك يقتضي أن يردع الإنسان عن الخرافات والأوهام والتمنيات الخاطئة، ويوجهه بخطاب واحد وعام يصونهم - لو تحروه وأخذوا به - عن الاختلاف على تشخيص الحقيقة والتصادم بينهم في أثر ذلك.
فليس من المتوقع أن يقتنع الدين - بعد افتراض حقانيته -بإيمان الإنسان بصانع غير الله سبحانه لأنه حديث خرافة ووهم، ولا بأن يؤمن بشركاء لله سبحانه من بشر وحيوانات وأصنام ونحوها لأنها أيضاً أوهام خاطئة جداً.
المصدر/ اتجاه الدين في مناحي الحياة، محمد باقر السيستاني، ص 121.