ان الدين فضلاً عن الحقائق الثلاث الكبرى التي ينبئ عنها -من وجود الله سبحانه. ورسالته الى الانسان. وبقاء الإنسان بعد هذه الحياة، وهي القضايا الأهم في حياة الإنسان على الإطلاق-يتضمن بطبيعة الحال جملة من التعاليم التي ينصح بها في ضوء تلك الحقائق مع اخذ الشؤون العامة لحياة الانسان بنظر الاعتبار. وحينئذٍ يقع التساؤل عن اتجاه هذه التعاليم، ورؤيتها للجوانب الإنسانية العامة، ومقدار مؤونة مراعاتها او معونتها للإنسان.
وأما السؤال - من أن الدين ينظر إلى كل من لم يعتنقه بعين ارتكابه للخطيئة على الرغم من أنه يمكن أن يكون معذوراً، إذ مهما كان الدين حقا وثابتا بالحجج المقنعة فإن هناك من الناس من لا يستطيع أن يصل إلى ذلك بعد طرو الشبهات وتعدد العقائد والأفكار؟
فالجواب عنه: إن الدين لا ينفي معذورية كل من لم يعتقد به؛ فإن من المبادئ البديهية في الدين كون التكليف منوطاً بمقدرة الإنسان واستطاعته من الوصول إلى الحقيقة كما جاء أنه (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها).
ولكن الدين يبين أن من أخطأ الحقيقة لا يكون كمن وقف عليها حتى وإن كان معذوراً، وذلك أمر لا ظلم فيه بل هو جزء من روعة الحياة وجديتها في أن ينزل كل امرئ منزلته، وقد تقدم بيان ذلك.
المصدر/ اتجاه الدين في مناحي الحياة، محمد باقر السيستاني، ص 120.