ان الدين فضلاً عن الحقائق الثلاث الكبرى التي ينبئ عنها -من وجود الله سبحانه. ورسالته الى الانسان. وبقاء الإنسان بعد هذه الحياة، وهي القضايا الأهم في حياة الإنسان على الإطلاق-يتضمن بطبيعة الحال جملة من التعاليم التي ينصح بها في ضوء تلك الحقائق مع اخذ الشؤون العامة لحياة الانسان بنظر الاعتبار. وحينئذٍ يقع التساؤل عن اتجاه هذه التعاليم، ورؤيتها للجوانب الإنسانية العامة، ومقدار مؤونة مراعاتها او معونتها للإنسان.
تحليل الاقتضاءات والاستعدادات العامة في النفس الإنسانية ومدی عمقها - بما يتفرع عليه قواعد التعامل الصحيح معها - وينتمي ذلك إلى علم النفس. وقد نبه الدين في هذا الحقل على أمور منها.
أولا: أصول القوى النفسية للإنسان، وقد تقدم أن النفس الإنسانية - بحسب الرؤية الدينية - تتمتع بالعقل ونوازع الحكمة والضمير الأخلاقي والرغبات الاعتيادية والاختيار بینها.
ثانيا: كون البنية الذهنية والنفسية للإنسان مصوغة للتعامل مع الحقائق الكبرى للحياة التي جاء بها الدين، حيث تفسر تلك الحقائق جملة من مشاعر الإنسان وتطلعاته، مثل تطلع الإنسان إلى كائن أعلى مهيمن على الحياة وسننها، وتطلعه إلى البقاء في هذه الحياة، وجوانب أخرى في النفس الإنسانية، وفي مقابل ذلك اتجاه يفسر هذه المشاعر على وجه آخر. وستأتي توضيحات إضافية لذلك في طي المباحث المقبلة.ِ
المصدر/ اتجاه الدين في مناحي الحياة، محمد باقر السيستاني، ص44-45