ان الدين فضلاً عن الحقائق الثلاث الكبرى التي ينبئ عنها -من وجود الله سبحانه. ورسالته الى الانسان. وبقاء الإنسان بعد هذه الحياة، وهي القضايا الأهم في حياة الإنسان على الإطلاق-يتضمن بطبيعة الحال جملة من التعاليم التي ينصح بها في ضوء تلك الحقائق مع اخذ الشؤون العامة لحياة الانسان بنظر الاعتبار. وحينئذٍ يقع التساؤل عن اتجاه هذه التعاليم، ورؤيتها للجوانب الإنسانية العامة، ومقدار مؤونة مراعاتها او معونتها للإنسان.
الأمر الثاني: أن الدين فرق -بالنسبة إلى الجانب الأخروي -بين من أصاب الحقيقة في مسعاه إلى السلوك الحكيم والفاضل ومن لم يصبها، سواء في جانب المعصية أم في جانب الطاعة.
وفي جانب الطاعة فإذا ارتكب شخصان عملا بداعي الطاعة، فأصاب أحدهما دون الآخر لم يتساو تقدير الله لعملها ومكافأته لهما، بالرغم من أنه قد يتوقع الإنسان التسوية بينهما من جهة تساويهما في النية والجهد، وأما إصابة الواقع فخارجة عن حدود اختيارهما، ولكن الشارع میز المصيب عن المخطئ ونزل كلا منزلته، فلم يكن ليسعف هذا
مساواته الأول في نيته وجهده، وقد روي عن النبي صلى الله علية واله وسلم (إذا حکم ا لحاکم فاجتهد فأصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر واحد).
المصدر/ اتجاه الدين في مناحي الحياة، محمد باقر السيستاني، ص40-41