إنَ أهم ما يُلزم على الإنسان في هذه الحياة بعد العلم بحقيقتها وآفاقها وغاياتها من خلال الإيمان بالله سبحانه ورسله الى خلقه والدار الآخرة هو توعيته لنفسه وتزكيته إياها، بتحليتها بالفضائل وتنقيتها من الرذائل،
حتى يتمثل علمه في عمله واعتقاده في سلوكه، فيكون نوراً يستضيء به في هذه الحياة ويسير بين يديه وبإيمانه في يوم القيامة.
النظام العام للحكمة (معادلة درجة الإدراك والمدُرك ومقدار المؤونة)
الحكمة (2): أن مناط أهمية الأشياء هو أحد أمرين..
أحدهما: مقدار ما يترتب عليها من النفع والضرر مما يوجب سعادة الإنسان أو شقاءه.
والآخر: وجود استحقاق متعلق بالآخرين في الموضوع، ومستوى هذا الاستحقاق وحجمه، فمن احتمل في تصرف له ترتب انتهاك لحقَّ فيه، كان عليه معرفة هذا الحق ومراعاته، ولا يصح له التفريط به،
وكلما كان هذا الحق أعظم كانت مراعاته أوجب، فحق الحياة للغير فوق سائر الحقوق، وحق الحياة للناس فوق الحياة للشخص الواحد.
والواقع أن مراعاة حقوق الآخرين يعود بالنفع على الأنسان نفسه في هذه الحياة وما بعدها، لو اتسع أفقه في النظر لنفسه، وتأمل سنن السعادة والشقاء الظاهرة منها والباطنة،
وبذلك يظهر أن معرفة الإنسان لحقيقة حياته وأبعادها وغاياتها هي أهم شيء على الإطلاق في حياته بكل المناطين، وذلك لأنه:
أولاً: يتحقق من النفع والضرر المترتب على سلوكه وتصرفاته في هذه الحياة وما بعدها، وتلك حياة خالدة لا أمد لها ولا انقضاء لمدتها.
وثانياً: يتعلق بحق الله سبحانه وتعالى على العباد الذي خلق الإنسان وأنعم عليه من بداية خلقة فما بعد، وأن حقه سبحانه آكد الحقوق وأولاها بالرعاية والعناية.
وعلى الإجمال فإن أهم قواعد النفع والضرر هي معرفة قواعد الحياة وأسسها وآثارها، فلا بد من عناية كل إنسان راشد بفطرته بالاهتمام بهذا الأمر اهتماماً بالغاً.
.................................................................................
المصدر: أصول تزكية النفس وتوعيتها، محمد باقر السيستاني، ج1، ص31- 32.