كتب الدكتور هاشم جعفر قاسم في الفصل الثاني من مؤلفة الموسوم (سوق التجار الكبير .. شاهد لألف عام)، " قيل بصدق: (السوق مدرسة)، فهو إحدى أهم مدارس الحياة التي يتعلم فيها ومنها الإنسان، فأن الحياة ليست مدارس رسمية تعطي العلم فقط، بل لابد من مدارس اجتماعية يتعلم فيها الفرد آليات وأساليب التعامل مع المجتمع" مضيفاً إن " من هنا جاء حرص بعض العوائل والبيوتات على دفع أبنائها للعمل في السوق، ففضلاً عن أهمية تعليمه مهنة يكسب منها قوته ويؤمن منها عيشه، فإن شخصيته الاجتماعية سوف تصقل، ويصبح شخصاً مكتمل الرجولة اجتماعياً قادراً على تأمين معيشته اقتصادياً "
وذكر الدكتور هاشم إنه " لا يمكن للتاجر أن يكون ناجحاً مالم يبتدئ حياته كـ (صانع)، فحتى لو كان صاحب رأسمال (موروث أو مكتسب) يمكنه من فتح محل للتجارة، فإنه سوف يفشل لاحقاً لفقدانه الخبرة، وحتى كبار التجار فانهم يدفعون بأبنائهم ليكونوا (صناعاً) ويكتسبون الخبرة لكي يصبحوا بعدها تجاراً ناجحين، وخلاف ذلك، فإنهم لا يستطيعون الحفاظ على الثروة المادية والاجتماعية التي يورثها لهم آباؤهم"
و يواصل هاشم جعفر إن " التعلم في الصغر، كالنقش على الحجر، كما تقول الحكمة، فإن الآباء وأولياء الأمور يرسلون أبناءهم إلى السوق وهم صغار السن، حتى مع ظهور المدارس الرسمية ودخول الأولاد منها، فإن آباءهم لم يقطعوا الصلة بينهم وبين السوق، كالعمل في العطلة الصيفية أو أيام العطل وأوقات الفراغ، وقد لا تكون الحاجة المادية هي الدافع وراء ذلك، فأن أغلب الأحيان يرسل الأب ولده إلى أحد التجار المعروفين طالباً منه أن يعمل لديه، وإذا كانت هناك علاقة وثيقة بينها فإن التاجر سيستجيب، أو أنه هو من يطلب من الأب أن يعمل لديه، وهكذا تنشأ علاقة جديدة بين (استاد) و(صانع) تحكمها قوانين العمل بعيداً عن أية اعتبارات أخرى حتى لو كانا أباً و ابن"
ومن الجدير بالذكر انه إذا كان طالب العمل (الصانع) غريبا وغير معروف او موثوق، فأن التاجر يسأل عنه وعن سلوكياته وعن عائلته.