لم تكن رسالة الكلمة وسحرها في مدينة كربلاء المقدسة تقتصر على الرجال، بل اسهمت المرأة الكربلائية في نشر الثقافة الأدبية والعلمية والتاريخية في المدينة.
وذكر إصدار موجز تاريخ كربلاء الثقافي في سطور الصفحة(١٣٠-١٣٢) إنهُ " كان للمكتبات بمختلف مسمياتها وألوانها دور هام في بث الوعي الوطني في أوساط المجتمعات البشرية لاسيما في مراحل التأريخ المعاصر الذي تزاحمت موجات الصراع والغزو الاستعماري والثقافي وظهور التيارات الفكرية المتنوعة، اذ دب الصراع بينهم من اجل أثبات الوجود، ولهذا دأب الناس على القراءة والبحث لزيادة رصيدهم المعرفي وثقيف أنفسهم".
أضاف “كان للمرأة دور كبير في إنشاء بعض المكتبات وإدارتها في مدينة كربلاء المقدسة ومن بينها (مكتبة النضال) التي تحتل موقعاً متميزاً في شارع العباس (ع) مدخل شارع البريد، وتأسست علي يد المرحوم محمد عوينات ١٩٨٤م، بعد وفاته ابت زوجته (زهرة محسن حسين) او ام عبير ان تبقى مكتبته مغلقة، اذ قررت تلك المرأة اعادة فتح المكتبة وإدارتها بنفسها متحدية بذلك تقاليد المجتمع الكربلائي".
واشار إلى إن "ام عبير تميزت بشخصيتها القوية والحكمة والعقلانية وحبها للثقافة والعلم، فضلاً عن دماثة خلقها وحسن تعاملها مع الآخرين، اتصفت بالثبات اثناء الأزمات وعدم تسرعها في ردة الفعل لذلك نجحت في إدارة مكتبتها، لاتزال ذكرها عالقة في اذهان الناس، كانت تهدف لنشر الثقافة بين إبناء المجتمع الكربلائي بعيداً عن مبدأ الربح والخسارة".
وأردف الكاتب إنهُ " استمرت ام عبير في إدارة المكتبة أكثر من ١٠ سنوات دون ان تشعر بالتعب او الملل او الحزن كان مواظبة على توفير كل ما يحتاج اليه الزبائن من كتب وصحف ومجلات وقرطاسية، لا شيء كان يثنيها عن العمل حتى وفاتها في نهاية التسعينات، لتغلق المكتبة بعد رحيلها لسنوات، ليعاد افتتاحها من قبل شقيقها علاء السعدي الذي استمر في إدارتها سنتين حتى أغلقها إلى الأبد لتنتهي بذلك جزءا من قصة ثقافة هذه المدينة".