تفاوت موقف الولاة العثمانيين من إقامة الشعائر الحسينية في العراق بين المنع والتهديد تارة، وبين السماح مع التقييد تارة أخرى، وكان يزداد تقييدها في حال وقوع الحرب بين الدولة العثمانية وإيران. فعلى سبيل المثال ما يتعلق بالشعائر الحسينية لشهر محرم، اضطر الشيعة في العراق خلال حكم المماليك في بغداد، إلى أقامتها سراً في السراديب، كما اضطروا إلى ترك امرأة تدير الرحى في صحن الدار كي لا يسمع المارة في الشارع صوت من يقرأ أو من يحضر مجلس العزاء.
وقد انتهز البعض فرصة انعقاد صلح بين داود باشا وإيران عام ١٨٢١م فأقاموا مجالس العزاء علناً، وكان الشيخ موسى كاشف الغطاء الذي توسط في عقد الصلح بين الجانبين هو الذي أقام مجلس تعزية في داره في النجف الأشرف، ثم تبعه آخرون.
وتغيّر الأمر نسبياً بعد الإطاحة بحكم المماليك، فعندما سمع الشيعة في بغداد بقدوم الوالي العثماني الجديد علي رضا اللاز الذي كان أحد أتباع الطريقة البكتاشية، أرسلوا إليه سبعة من وجهائهم لاستقباله في الموصل، وبعد أن التقوا به شكوا إليه أحوالهم وحدثوه عن أقامتهم لمجالس التعزية في سراديب البيوت، فطيب خاطرهم ووعدهم بإقامة المجالس فوق سطوح المنازل بدلاً من السراديب، ولم يكتف بذلك فقد حضر بنفسه مجلس تعزية أقيم في بغداد في العشرة الأولى من شهر محرم الموافق ٢١ أيار ۱۸۳۲م.
لقد استمرت مواكب ذكرى عاشوراء في العراق خلال حكم الولاة العثمانيين الذين أعقبوا الوالي علي رضا اللاز، غير إن والي بغداد مدحت باشا وبدعم من أحد علماء السلفية المشايع للوهابيين في بغداد وهو أحمد شاكر الآلوسي حاول منع مواكب العزاء الحسيني في شهر محرم واستصدر قراراً في شهر محرم عام ١٨٦٩ م منع فيه إقامة مسيرات المواكب وهدد بمعاقبة كل من يقيم مجلس عزاء.
إلاّ أنّ مدحت باشا اضطر إلى إلغاء هذا المنع في عام ١٨٧٠م، ويُعتقد أنّ سبب الإلغاء يعود إلى أن الثري الهندي المقيم في الكاظمية إقبال الدولة، هدد بسحب المبالغ الضخمة التي ساعد بها مدحت باشا لبناء مدرسة الصنايع في بغداد، بينما رأى آخرون أن سبب إلغاء قرار منع المواكب الحسينية من قبل مدحت باشا كان قد تم بعد أن استشار حكومة إسطنبول بذلك.
المصادر: