تعد مدينة كربلاء المقدسة من أبرز المدن الدينية في العالم الإسلامي، حيث تحتضن العديد من المزارات التاريخية، ومنها مقام الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام)، يقع هذا المقام في منطقة كانت تُعرف بالجعفريات او الهيابي، وهي أراضٍ موقوفات خيرية مسجلة في الحائر الحسيني وقفية تعود إلى الشيخ أمين الدين ، ويرجع تاريخها إلى سنة 904 هـ.
شُيد المقام كرمز تذكاري للإمام جعفر الصادق (عليه السلام) من قبل الزعيم البكتاشي جهان دده (كلامي)، الشاعر الصوفي الذي عاش في القرن العاشر الهجري (حوالي سنة 970 هـ)، ويعرف المكان بشريعة الإمام جعفر بن محمد، حيث يُقال إن الإمام الصادق اغتسل في نهر الفرات قبل توجهه لزيارة الحائر الحسيني، يقع المقام على الشاطئ الغربي لنهر العلقمي، ويتميز بقبة عالية من القاشاني تحيط بها البساتين.
ارتبط هذا المقام بتاريخ طائفة البهرة الإسماعيلية، حيث كان المطاف الأخير لهم قبل أن يُسمح لهم بدخول كربلاء لزيارة العتبات المقدسة، فقد منع رجال البهرة من دخول كربلاء حتى سنة 1262 هـ، عندما أصدر العلامة الشيخ زين العابدين المازندراني فتوى تسمح لهم بذلك.
يقع المقام على طريق العربات المؤدي إلى كربلاء عبر نهر الحسينية، وهو الطريق الرئيسي الذي يربط بين بغداد وكربلاء، وقد ورد في موسوعة (دائرة المعارف) أن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) جاء لزيارة جده أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) في النجف، وبعد أداء مراسيم الزيارة، توجه إلى كربلاء حيث اغتسل ولبس ثياب الطهر، ثم سار نحو قبر جده الإمام الحسين (عليه السلام).
تعرض المقام للهدم في عهد النظام البعثي، في عام 1412 هـ (1991 م) بعد الانتفاضة الشعبانية، وبعد عام 2003، شهد المقام اهتماماً متجدداً من قبل المؤمنين والعتبات المقدسة في كربلاء، حيث تبلغ مساحة المقام حوالي 600 متر مربع، وله مدخل على شكل قوس إسلامي بارتفاع 6 أمتار، مع باب من الخشب الساج، وتتميز واجهته الأمامية بالكاشي الكربلائي، مع كتيبة موشحة بآية التطهير، يبعد المقام عن العتبة الحسينية المقدسة مسافة 900 متر تقريباً، مما يجعله جزءاً لا يتجزأ من المشهد الديني والتاريخي لمدينة كربلاء.
راجع
عبد الأمير القريشي،المراقد والمقامات في كربلاء،بيت العلم للنابهين،بيروت،2008،ط1 ،ص211