شهدت مدينة كربلاء المقدسة ظهور عدد غير قليل من كبار الخطباء الذين ارتقوا المنبر الحسيني الشريف، وكان لهم دورهم البارز في نشر تعاليم مذهب اهل البيت "عليهم السلام"، إذ تركوا أثراً واضحاً في نفوس الناس عبر سردهم لقصة مقتل الامام الحسين وما جرى عليه وعلى اهل بيته "عليهم السلام أجمعين" صبيحة يوم عاشوراء الأليمة.
ومن بين أبرز أولئك الخطباء هو الشيخ "محمد تقي بن حسن بن محمد تقي الحائري" الشهير بـ "تاج الدين"، والذي يعدّ خطيباً، وأديباً فاضلاً قلّ نظيره في عصرنا الحالي، حيث تشير المصادر الى أنه ولد في مدينة كربلاء المقدسة سنة 1355هـ/ 1936م، ونشأ بها، ونال تحصيله العلمي الديني في مدارسها، فتتلمذ آنذاك على يد أعلام حوزة كربلاء الدينية ومنهم الشيخ جعفر الرشتي، والسيد حسن الشيرازي، والسيد محمد كاظم القزويني وغيرهم.
يعدّ الشيخ "تاج الدين" الى جانب خطابه الديني البليغ، من بين الأدباء والشعراء المجيدين، وله العديد من المجالس الثقافية التي كان أبرزها ما شهدته مدن البصرة والعمارة وبغداد، حيث تميّزت مجالسه حينها بالوعظ وإرشاد الناس، ليتجه بعدها الى الجمهورية الليبية التي استقر بها لما يقرب من سنة كاملة مليئة بالإنجازات، ومنها سافر الى دول افريقيا ولبنان والكويت في إطار مشروعه الرامي الى خدمة المنبر الحسيني الشريف.
ترك هذا الشيخ الجليل عدداً من الآثار الأدبية الخالدة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، "تاريخ العراق"، و"المرأة في الإسلام"، و"الأحزاب والتنظيمات"، و"عودة الشعوب"، بالإضافة الى الكثير من المحاضرات والمقالات الإسلامية، فضلاً عن ديوان شعري كبير، قبل أن يوافيه الأجل في يوم السابع من محرم الحرام لسنة 1412هـ/ 1991م.
المصدر/ موسوعة كربلاء الحضارية، المحور التاريخي – قسم التاريخ الاسلامي – النهضة الحسينية، ج10، ص141