اهتمَ مركز كربلاء للدراسات والبحوث في العتبة الحسينية المقدسة، بتراث مدينة سيد الشهداء (عليه السلام) وتاريخها وإبراز اعلام المدينة ورجالها من علماء وفقهاء وادباء وغيرهم الذين كان لهم الدور الكبير في عصرهم.
ومن تلك الشخوص التي تركت ارثاً علمياً كبيراً في المدينة الشيخ الجليل ابن فهد الحلي (قدس سره)، وقد أقامت إدارة المركز مؤتمراً علمياً عالمياً، استطاعت من خلاله ان تخلد تاريخ الفقيه وتجمع العديد من البحوث والدراسات العلمية القيمة من خلاله، وبدعوة العديد من السادة الباحثين والأكاديميين والفقهاء الاجلاء من داخل العراق وخارجه، اكراماً لتاريخه الزاهر.
اسمه: الشيخ جمال الدين أبو العباس احمد بن فهد الأسدي الحلي، من أعلام وفضلاء مدينة كربلاء المقدسة، ولدَ في مدينة الحلة عام (756هـ) وقيل (757هـ)، وهاجرَ منها الى مدينة كربلاء المقدسة لتعلم الفقه وتلاوة القرآن واصول الدين تحت أفقة علماء الحوزات العلمية في المدينة.
وابن فهد الحلي هو العالم الجليل المتقن، صاحب المقامات والكرامات العابد الزاهد، له مؤلفات تنوف على عشرين مؤلفاً منها: كتاب عدة الداعي، والمذهب البارع في شرح المختصر النافع، والموجز، والدر الفريد، والتحرير، والتحصين، واللمعة الجلية، الى غير ذلك، يروي عن جملة من أجلة تلامذة الشهيد الأول محمد بن مكي، وفخر المحققين، منهم الفاضل المقداد السيوري صاحب كنز العرفان، والشيخ علي بن الخازن الفقيه، والعلامة، والسيد مرتضى بهاء الدين علي بن عبد الكريم بن عبد المجيد النسابة الحسيني النجفي.
كان العلامة ابن فهد (قدس سره) من أولياء الله وعباده الصالحين وقد حباه الله بكرامات عديدة: فكانت باب الروضة الحسينية تفتح له عندما كان يتشرف لزيارة الإمام الحسين (عليه السلام) والتهجد في نصف الليل، ومن كراماته قصته مع أحبار اليهود حيث ألقى مسحاته فأصبحت ثعباناً ثم أخذها بيده فرجعت كما كانت عليه، ولحرمة مدينة كربلاء المقدسة أنه كان يجمع فضلاته في كيس ويأخذ بها خارج مدينة كربلاء بمسافة طويلة حفاظاً على طهارة تربة دفن فيها الإمام الحسين (عليه السلام).
من تلامذته: الشيخ عز الدين حسين بن علي بن أحمد بن يوسف المعروف بابن العشرة الكركي العاملي، الشيخ ظهير الدين بن علي زين العابدين بن الحسام العاملي العينائي، الشيخ زين الدين علي بن هلال الجزائري صاحب كتاب الدر الفريد في التوحيد، الشيخ علي بن عبد العالي الكركي، الشيخ عبد السميع الحلي صاحب كتاب تحفة الطالبين في أصول الدين، السيد محمد بن فلاح الموسوي والشيخ محمد بن طي العاملي مؤلف مسائل بن طي، وذكر صاحب الأعيان عدداً ممن يروي عنه فقال: (يروي عنه جماعة من العلماء كالشيخ حسن بن علي الشهير بابن العشرة الكركي العاملي، الشيخ عبد السميع بن فياض الأسدي الحلي وهو من أكابر تلامذة ابن فهد، الشيخ رضي الدين الشهير بابن راشد القطيفي، والشيخ زين الدين علي بن محمد بن طي العاملي.
للعلامة ابن فهد الحلي رحمه الله عدة مؤلفات قيمة منها: عدة الداعي ونجاح الساعي، آداب الداعي، استخراج الحوادث، أسرار الصلوات، تاريخ الأئمة (عليهم السلام)، التحرير في الفقه، التحصين في صفات العارفين من العزلة والخمول بالأسانيد الملقاة عن آل الرسول (عليهم السلام)، ترجمة الصلاة، تعيين ساعات الليل وتشخيصها بمنازل القمر، مصباح المبتدي وهداية المهتدي، المختصر في شرح إرشاد الأذهان، الموجز الهادي، المهذب البارع والموجز الحاوي وكتب ورسالات أخرى.
ارتفعت روحه الشريف الى ربه الكريم بعد قضاء حياته المليئة بالجهد الذي لا يعرف الملل والكلل سنة (841هـ) وهو في (85) من العمر بمدينة كربلاء المقدسة، ووري جثمانه الطاهر في بستان بقرب الروضة الحسينية المباركة حيث المرقد الشريف الآن.