كعادتها تميّزت المرجعية الدينية العليا بتشخيص مكامن الخلل وطرح الحلول الناجعة التي من شأنها معالجة الاضرار التي تصيب المجتمع وعلى جميع المستويات والاصعدة ، فتحذيراتها من الهجمة البربرية لتنظيم داعـ.ش الوهـ.ابي تكررت بنفس القوة والجدية عندما ظهرت بوادر الانحلال الأخلاقي وانتشار الأمية الأخلاقية في مجتمعنا العراقي خصوصا مع رواج ما يخالف الدين والعقيدة وفطرة الإنسان .
هذه التحذيرات جاءت نتيجة نشوء عوامل خطيرة من شأنها أن تعجل من انهيار المنظومة الأخلاقية في المجتمع العراقي نتيجة ظهور حالات كثيرة تروج لها﴿ منظمات دولية كالقتـ.ل والمثلـ.ية والزنـا و كل ما يساعد على خلق الفوضى في المجتمع، لذلك نبَّهت المرجعية الدينية العليا في كربلاء المقدّسة وفي اكثر من خطبة على ضرورة دق ناقوس الخطر لاحتمالية انهيار الجدار الأخلاقي بمعوّل يمثل التسافل ذو الأوجه المتعددة في ظل تقاعس مجتمعي وحكومي عن التصدي للظواهر الدخيلة التي انتشرت بين صفوف الشباب خصوصاً ومحاربة الفساد المجتمعي .
و على الرغم من التحذيرات الاستباقية التي تنطلق بين فترة وأخرى من خلال ما تتضمنه خطب الجمعه بما تنفرد به من قيمة وخصوصية كبيرتين الاّ أن عملية الاستجابة لهذه التحذيرات لم تكن بالمستوى المطلوب بل أنها وفي كثير من الأوقات جوبهت بما لا يتناسب وقدسيتها ،بل ان العمل عكسها كان عنوانا بارزا، عمل عليه البعض بقصد أو دون قصد.
واذا ما أردنا التدقيق والتمعن في سلسلة خطب المرجعية ورسائلها الواضحة نجد مراعاتها لظرفية طرح المشاكل المجتمعية سواء من خلال اختيارها لأوقات متقاربة او تكرارها الطرح ،ففي ظرف اقل من عام ركزت و في ثلاث مناسبات على موضوع المنظومة الأخلاقية للمجتمع العراقي وما يهددها بالإنهيار فيما لو تم التراخي عن التصدي لهذه التهديدات والوقوف بحزم لمواجهتها على كافة المستويات وبالتالي، فإنها ساهمت وبشكل كبير في تشخيص الأخطاء وطرح سبل معالجتها كتحديد ضوابط الحرية وتوفير ما يحصن الفرد و المجتمع وتجنيبه الفوضى كذلك تحذيرها من مصطلحات خادعة تحاول أن تسرق المعنى الحقيقي للتمدن و التطور و الانفتاح .
ومما لا يقبل الشك أن المرجعية أدركت مبكرا ما يتعرض له العراق والأمة بشكل عام من حرب ناعمة تهدف من خلال إقامة الحفلات الاستعراضية الماجنة إلى ترسيخ حالة الهبوط الفكري والأخلاقي وتحجيم
القيم والأخلاق وبالتالي مسح كلي لهوية الفرد العراقي وعملت جاهدة لأجل انتشال الواقع المرير الذي يعيشه ، في الوقت الذي لم تستجب الجهات المختصة وفي مقدمتها الحكومية لتلك التحذيرات،بل أنها وبدلا من وضع المعالجات فتحت الباب على مصراعيه أمام جهات محلية ودولية لاختراق المجتمع ،و نشر ما تحمله من أفكار منحرفة بين صفوفه فما رأيناه وسمعنا عنه من كم ونوع الفعاليات التي تقام على مسارح العراق عملية مدروسة ومقصودة مكملة لما تحتويه منصات التواصل الاجتماعي والفضائيات من هبوط مقرف، يهدف الی ضرب حضارة الإنسان ويطعن بدينه ويجرده من ثقافة التألق والنجاح والتقدم .
ولعل جملة أسباب الفساد الاخلاقي هي انتشار الجهل والدور الإعلامي وتقليد الغرب ،اضافة الى غياب الدور التربوي للمدرسة الاّ أن هنالك سبباً يختلف عن بقية الأسباب والعوامل وهو " الفساد الديني " بأعتباره ضد نوعي يصعب التعامل معه وهذا ما تحاول المرجعية الدينية العمل على الحدّ منه من خلال محاربة بدع وانحرافات من يدّعون التدين وهم عبارة عن فرق ضالة تقودها شخصيات مخابراتية كانت جزء من النظام البعـ.ثي الإرهـ.ابي. أعدهم النظام بطريقة وبأخرى للعمل، ليستمر دعمهم المالي والإعلامي من قبل دول معادية للمذهـ.ب الشيـ.عي والإسلام السمح ومعادية للعراق وبالتالي فإن هذا العامل هو الأكثر ارهاقاً لكن وبحكمة المؤسسة الدينية الحوزوية العريقة وثرائها العلمي والأخلاقي والمعرفي استطاعت كشف هذا العامل الخطير والعمل على معالجته والحد من انتشاره رغم تسلحه بالمال والسلطة .
ليس بالضرورة ان يمثل المقال رأي الموقع ، انما يمثل رأي كاتبه .