8:10:45
من النواويس إلى الحائر... رحلة الأرض التي احتضنت الإمامة والشهادة اهل البيت عليهم السلام: منزلتهم و مبادئهم هلاك الاستبداد و نجاة التشاور ... محمد جواد الدمستاني موقف شهداء الطفّ... حين ارتفعت قيم الكرامة فوق رايات النفاق في مكتبة مركز كربلاء... المرجع الأهم للنجاح في إختبار التوفل الدولي مدينة الحسين "عليه السلام" في الأرشيف العثماني... ملامح سياسية واقتصادية يكشفها مركز كربلاء للدراسات والبحوث أسرار تحت أقدام الزائرين... ماذا تخبئ تربة كربلاء من كنوز زراعية وتاريخية؟ قاسم الحائري... شاعر كربلاء الذي بكى الحسين حتى العمى المساجد ومجالس الأدب كمصنع للوعي... أسرار ازدهار الصحافة في كربلاء العمل في فكر الأنبياء "عليهم السلام"... صناعة الإنسان قبل صناعة الحضارة قراءة في كتاب: "الإمام المهدي في القرآن والسنة" سفر من نور في مكتبة مركز كربلاء كتب "الولائيات" بين المبالغة والوهم... مركز كربلاء يقرأ نصوص الطف بعين العقل والمنطق تحت شعار: "بالألوان نرسم الأمل".. مركز كربلاء يحلّ ضيفاً على أول معرض فني بمدرسة عراقية في مدينة قم المقدسة الصبر على المصيبة مصيبة للشامت ... محمد جواد الدمستاني في إصدار علمي جديد... مركز كربلاء يسبر أغوار خزائن العتبات المقدسة الحوزة العلمية في كربلاء... مجدٌ نُقش بأسماء الكبار وتراث عظيم ينتظر من يزيح الغبار عنه هكذا انتصرت أقلام غير المسلمين للدم الحسيني... الوجه الآخر للإستشراق نساء في ظل العصمة... مركز كربلاء يحتفظ بتحفة معرفية فريدة عن زوجات أئمة أهل البيت (عليهم السلام) في إصدار علمي يجمع بين الترجمة والتحقيق... مركز كربلاء يكشف صورة الإمام الحسين (عليه السلام) في الثقافة الغربية بهدف إقامة حدث علمي نوعي… مركز كربلاء يناقش التحضيرات الخاصة بمؤتمر الأربعين القادم
اخبار عامة / أقلام الباحثين
09:46 AM | 2025-03-30 368
جانب من تشيع الشهيد زكي غنام
تحميل الصورة

العيد للطائعين و مقبولي الأعمال و كل أيامهم أعياد ...محمد جواد الدمستاني

العيد للطائعين و مقبولي الأعمال و كل أيامهم أعياد

(إنّما هو عيد لمن قبل الله صيامه و شكر قيامه)

 

الأعياد أيام و مواسم تحتفل بها كل شعوب الأرض كل حسب بيئته و هويته و معتقده، مسمياتها متعددة كل حسب لغته و لسانه، يشتركون في الاحتفال بأعيادهم جميعا كلٌ بطريقته، فهي أيام سعادة و سرور ظاهري، و غالبا ما يقومون و يمارسون مجموعة من الأعمال و الطقوس في أعيادهم، و هي مرتبطة بحوادث مضت أو بمراسم تتجدد.

 

و أعيادنا الإسلامية مرتبطة بالعبادة، و تأتي بعد العبادات الكبرى، فعيد الفطر يأتي بعد فريضة الصوم، حيث يصوم المسلم شهر رمضان كاملا فهو عبادة و جهاد مع النفس الأمارة، و تقييد للشيطان، و في شهر رمضان يتحكم الصائم و يسيطر على غرائزه و شهواته ومشتهياته.

و عيد الأضحى يأتي بعد فريضة الحج حيث تروك الاحرام أو محرمات الاحرام، و القيام بالمناسك في المشاعر، فهو عبادة عظيمة و بها انتصار على الشهوات و الغرائز و الالتزام بأحكام الله.

أما عيد الغدير فهو عيد الله الأكبر و عيد الولاية و تم فيه تنصيب رسول الله صلّى الله عليه و آله لوصيه أمير المؤمنين عليه السلام، و أشرف الأعياد لارتباطه بحجج الله على أرضه الذي أوجب الله طاعتهم و محبتهم و اتباعهم، قال تعالى: «قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ»[1].

كما أنّ يوم الجمعة من كل أسبوع هو عيده، عيد الأسبوع، و يكون بعد التوفيقات للعبادة و الطاعة في يوم الجمعة.

 

و ظاهر الأعياد الفرح و البهجة فهذه ميزتها في كل بقاع الأرض، و لكن  الذي يوجب الفرح و السعادة و استحقاق الاحتفال به و ما يكون فيه من التجمعات و الحشود و الزينة و البهجة إنّما يكون مع الانتصار على النفس بالطاعة و التوفيق لما سبقه من عبادة و خضوع لله، أما مع عدم التوفيق و الانتصار في مراحل العبادة و الطاعة لله فليس هو عيد كما يبيّن أمير المؤمنين عليه السلام، فالعيد الحقيقي الذي يستحق الفرح و الابتهاج و مظاهر السعادة إنّما يكون بعد التوفيق للعبادة و قبولها و في عيد الفطر لمن قبل الله صيامه و قيامه، و هذه حكمة أمير المؤمنين عليه السلام في قوله «إِنَّمَا هُوَ عِيدٌ لِمَنْ قَبِلَ اللَّهُ صِيَامَهُ وَ شَكَرَ قِيَامَهُ ، وَ كُلُّ يَوْمٍ لَا يُعْصَى اللَّهُ فِيهِ فَهُوَ عِيدٌ»[2].

 

و على هذا الأساس من قبول الأعمال من صيام و قيام و طاعات و تجنب المعاصي فإنّ ليس الأول من شوال هو عيد فقط بل كل يوم لا يُعصى الله فيه فهو عيد و مناسبة للفرح و البهجة و السعادة و الاحتفال.

 

و نتائج و جوائز العبادة في شهر رمضان بعد أداء العبادة و الطاعة بالقبول و النجاح تأتي في آخر يوم منه و يوم عيد الفطر، و روي عن أمير المؤمنين عليه السلام في خطبة له في عيد الفطر قوله: «وَ اِعْلَمُوا عِبَادَ اَللَّهِ أَنَّ أَدْنَى مَا لِلصَّائِمِينَ وَ اَلصَّائِمَاتِ أَنْ يُنَادِيَهُمْ مَلَكٌ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ أَبْشِرُوا عِبَادَ اَللَّهِ فَقَدْ غُفِرَ لَكُمْ مَا سَلَفَ مِنْ ذُنُوبِكُمْ فَانْظُرُوا كَيْفَ تَكُونُونَ فِيمَا تَسْتَأْنِفُونَ؟!»[3]، فهو يوم الفرح الحقيقي بغفران الذنوب، «إِنَّمَا هَذَا عِيدُ مَنْ غُفِرَ لَهُ».

 

فقد روى سويد بن غفلة قال: دخلت عليه - يعني أمير المؤمنين عليه السلام - يوم عيد، فإذا عنده فاثور عليه خبز السمراء وصفحة فيها خطيفة و ملبنة، فقلت: يا أمير المؤمنين يوم عيد و خطيفة؟! فقال: «إِنَّمَا هَذَا عِيدُ مَنْ غُفِرَ لَهُ»[4]، فالعيد الحقيقي لمن غفر له و لا ينبغي أن تُغلب الجوانب الظاهرية للعيد - من زينة و بهجة و فرح و استمتاع مع أهميتها كلها - على معناه الحقيقي في الطاعة و الغفران و الجوانب الاجتماعية المأمور بها.

 

و الكلام في بيان العيد الحقيقي الذي يستحق الابتهاج فيه، و الترغيب لعبادة اللَّه و عدم معصيته، و إرشاد إلى قدرة الإنسان المؤمن أن يجعل كل أيامه أعيادا و كل مناسباته أفراحا بأعمال مقبولة و عبادات مشكورة.

و في نهج البلاغة روي عن قال أمير المؤمنين عليه السلام قوله في الكلام عن الدنيا: «لَا خَيْرَ فِي شَيْ‏ءٍ مِنْ أَزْوَادِهَا إِلَّا التَّقْوَى»[5]، و مع فقدان التقوى فلا خير و لا سرور.

 

و لكن المجتمعات عامة و الإسلامية منها  بها كثير من النّاس يقوم بعكس ذلك فيحول مواسم الأعياد من مناسبة للطاعات إلى مناسبة للمعاصي و يغتنم فرصة الأعياد لعمل المعاصي و إرتكاب المحرمات، و قد تجد بعض شباب المسلمين يحتفلون بأعياد و مواسم غير إسلامية لا تخصهم مباشرة بالاستهتار و الانفلات و أعمال مجون و عبث، مثل الاحتفالات برأس السنة الميلادية في حالة من فقدان الهوية و البصيرة.

 

و أهل البيت عليهم السلام أئمة الأمة و مرجعيتها يريدون للأعياد أن تأخذ مكانتها الحقيقية في نفوس و قلوب المسلمين، و أنّ ما يسبقها من أعمال عبادية كشهر رمضان إنّما هو موسم امتحان و تسابق بين خلق الله في طاعة الله، يفوز به الطائعون و يخسر الخائبون، و روي عن الإمام الحسن المجتبى عليه السلام و قد مر بقوم يوم عيد فطر يلعبون و يضحكون فالتفت لأصحابه فقال: «إِنَّ اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ جَعَلَ شَهْرَ رَمَضَانَ مِضْمَاراً لِخَلْقِهِ، يَسْتَبِقُونَ فِيهِ بِطَاعَتِهِ إِلَى رِضْوَانِهِ، فَسَبَقَ فِيهِ قَوْمٌ فَفَازُوا، وَ تَخَلَّفَ آخَرُونَ فَخَابُوا، فَالْعَجَبُ كُلُّ اَلْعَجَبِ مِنَ اَلضَّاحِكِ اَللاَّعِبِ فِي اَلْيَوْمِ اَلَّذِي يُثَابُ فِيهِ اَلْمُحْسِنُونَ وَ يَخِيبُ فِيهِ اَلْمُقَصِّرُونَ، وَ اَيْمُ اَللَّهِ لَوْ كُشِفَ اَلْغِطَاءُ لَشُغِلَ مُحْسِنٌ بِإِحْسَانِهِ وَ مُسِيءٌ بِإِسَاءَتِهِ»[6].

 

فشهر رمضان العظيم موسم التوبة و العبادة و الطاعة الذي يجب اغتنامه و ليس موسما للهو و العبث و الخروج من الحدود الشرعية و عمل المنكرات، و ليس موسما للمسلسلات المزيفة للتاريخ و عقول المسلمين، أو موسم خاص للتفنن في أنواع الأطعمة و الأشربة، أو المسابقات الرياضية، مع أهمية الطعام و الرياضة.

 

اللهم اجعل أيامنا أعيادا و وفقنا لطاعتك، يا أرحم الراحمين، و الحمد لله ربّ العالمين، وصلّ اللهم على محمد و آله الطاهرين.

 

[1] - سورة الشورى، آية ٢٣

[2] - نهج البلاغة، حكمة 428

[3] - الأمالی، الشيخ الصدوق، ص100

[4] - المناقب، ابن شهر آشوب، ج2، ص 99

[5] - و في نهج البلاغة ، خطبة 111

[6] - من لا یحضره الفقیه، الصدوق، ج1، ص422، تحف العقول، ابن شعبة الحراني،ج1، ص236، إقبال الأعمال، ح1، ص275، وسائل الشیعة، الحر العاملي، ج7، ص480، بحار الأنوار، المجلسي، ج88، ص119، بحار الأنوار، المجلسي، ج75، ص110

المقال يمثل رأي الكاتب وليس بالضرورة ان يمثل رأي المركز

Facebook Facebook Twitter Whatsapp