في الكوفة كان هنالك تهليل واضح بوفاة معاوية، وحراك سياسي أعقب تولي يزيد السلطة، فقد عقدت الشيعة اجتماعاً عاما في بيت سليمان بن صرد الخزاعي، وتوالت فيه الخطب السياسية التي تظهر مساوى الحكم الأموي، وما جره انتقال العاصمة إلى دمشق، وخاطب سليمان القوم قائلاً: (إن معاوية قد هلك وإن حسينا قد قبض على القوم بيعته، وقد خرج إلى مكة وأنتم شيعته وشيعة أبيه فإن كنتم تعلمون إنكم ناصروه ومجاهدو عدوه فاكتبوا إليه وان خفتم الوهن والفشل فلا تغروا الرجل من نفسه، وتعالت أصواتهم من كل جانب وهم يقولون بحماس بالغ ( نقتل أنفسنا دونه ... لا بل نقاتل عدوه).
وهكذا أعلن أهل الكوفة خلع يزيد وإرسال وفد للحسين يدعونه للقدوم إليهم، وكتبت الرسائل وهي تدعوه لتولي زعامة الأمة)، وفي مقدمة المكاتبين أميز زعماء الكوفة المتحمسين لآل البيت وكانت أولى رسائله (من سليمان بن صرد والمسيب بن نجبة، ورفاعة بن شداد وحبيب بن مظاهر، شيعته والمسلمين من أهل الكوفة، إما بعد فالحمد لله الذي قصم عدوك الجبار العنيد الذي ابترى على هذه الأمة فابتزها أمرها، واغتصبها فيئها وتأمر عليها بغير رضى منها، ثم قتل خيارها واستبقى شرارها وجعل مال الله دولة بين جبابرتها ،انه ليس علينا إمام فاقبل لعل الله يجمعنا بك على الحق، والنعمان بن بشير في قصر الإمارة لسنا نجتمع معه في جمعة ولا نخرج معه إلى عيد، وبلغنا انك قد أقبلت إلينا أخرجناه حتى نلحقه بالشام إن شاء الله والسلام ).
وقد تتابعت على الإمام الحسين (عليه السلام) الرسائل حتى ملاْ منها خرجين وفي رواية ابن طاووس (أنه اجتمع عنده في نوب متفرقة اثنا عشر إلف كتاب، كما وردت عليه في يوم وأحد ستمائة كتاب)، وهكذا اكتملت العناصر الأساسية لحركة الإمام الحسين (عليه السلام) وهي وجود إرادة جماهيرية تطلب التغيير وتحث الإمام الحسين (عليه السلام) للمبادرة إلى قيادة الحركة وموقع هذه الإرادة ومركزها الكوفة.
احمد عليوي صاحب، مسيرة الإمام الحسين الى كربلاء، مركز كربلاء للدراسات والبحوث، 93