على الرغم من الهجمة الشرسة التي طالت وتطال مقام المرجعية الدينية العليا في العراق من قبل ذات الأطراف الموبوءة داخلياً وخارجياً في ظل ظروف هي الأسوأ على البلاد منذ عدة عقود، إلا أن كل هذا لم يمنع هذا الكيان الأبوي من أداء واجبه تجاه مواطنيه من جميع الأديان والقوميات.
وعلى غرار القرارات الحاسمة التي إتخذتها المرجعية الدينية وعلى رأسها سماحة المرجع الأعلى السيد علي الحسيني السيستاني "دام ظلّه" أمام جميع الملمّات التي عصفت بالبلاد والتي كان أخطرها الهجمة الداعشية التكفيرية، عبر فتوى الجهاد الكفائي للدفاع عن الأرض والمقدسات، فقد أطلّت علينا هذه المرجعية الرشيدة مؤخراً بفتوى "التكافل الإجتماعي" من أجل التصدي للخطر الجديد المتمثل بإنتشار وباء "كورونا" ذو الآثار والتبعات التدميرية على الشعوب صحياً ومادياً.
ومما ذكرته المصادر التأريخية عن المواقف المشرّفة للمرجعيات الدينية المتعاقبة على مدى التاريخ عند حلول أي كارثة إنسانية، أن تأذن بصرف ثلث أو نصف الحق الشرعي "سهم الإمام من الخمس" لمساعدة الناس، إلا أن هذه هي المرة الثانية من نوعها التي يأذن فيها سماحته "دام ظله" بصرف كامل الحق الشرعي "بحسب الضرورة والحاجة" بعد فتوى الجهاد الكفائي.
ولم تكتفِ المرجعية بما قدمته لحد الآن في الأزمة الجارية، وإنما تعدّته لبيان دور كل مكلّف على حدة، عبر وصفها لمن يضحي بحياته في سبيل حماية الناس من الوباء بأن ما يرجى له هو كأجر شهداء فتوى الجهاد، بالإضافة الى دعوتها للمواكب الحسينية الى هبّة إنسانية تساعد من خلالها العوائل المحتاجة والمتضررة بفعل قرارات الحجر الصحي، وأن تكون حركتها خاضعة لإشراف الأجهزة الرسمية كما حصل مع المتطوعين المدافعين عن البلاد سابقاً.