هو حمزة عبود إسماعيل السعدي، ولد في كربلاء عام 1921 في محلة باب الطاق، وقد اعتلى المنبر وهو في سن مبكر؛ لما يمتلكه من مواصفات فريدة في أداء القصيدة الحسينية، وقد سمي بالصغير وذلك للتفريق بينه وبين أحد الرواديد آنذاك، الذي يكبره سناً وأسمه (حمزة السماك) ، وقد نشأ يتيم الأب فأخذت أمه على عاتقها تربيته، علماً إنه الوحيد لأبويه، وفي بدء حياته العملية أمتهن العطارة، وبعدها مارس مهنة بيع القدور والأواني الفافونية، ثم مارس مهنة صناعة الأحذية ، وآخر مهنة مارسها هي مهنة كي الملابس.
اشتهر الرادود حمزة الصغير بقصائده التي أبكت عيون المحبين ولامست حزنهم فكانت تُسمع كالأنين الآسي الذي يجتاح ازقة مدينة الحسين عليه السلام في ذلك الوقت، وتميز بأسلوبه النوعي في أداء القصيدة الحسينية، فكان مجددا في زمن كان التقليد والسكون سائرا في شتى مجالاته، فأحدث نقلة تاريخية في هذا المجال توارثها الأجيال تلو الأجيال من رواديد المنبر الحسيني إلى يومنا هذا، وأصبحت بعض قصائده المشهورة نشيدا حسينيا خالدا لا يمكن أن تمر أيام عاشوراء دون إحياءها وقراءتها بنفس الطريقة.
ينقل عنه ( رحمه الله): "أنه كان مثالاً للتواضع والأخلاق الحسينية العالية المنبثقة من الإيمان، فبالرغم من شهرته الواسعة التي ملأت الآفاق، كان يقوم للصغير والكبير ولا يفرق بين الغني والفقير، فغدت جميع طبقات المجتمع تكنُّ له الاحترام والتقدير، كما كان بعيداً عن التعامل المادي في قراءاته على المنبر، ولم ينقل يوماً أنه حدَد أو طلب مبلغاً لقراءته، ليس ذلك فحسب، بل كان مساهماً مادياً في بعض المجالس التي كانت تقام في مدينة كربلاء المقدسة".
تنقل في خدمته لسيد الشهداء بين العراق وايران والخليج، ومن أبرز الشعراء الذين قرأ لهم رفيق دربه أمير الشعراء كاظم المنظور الكربلائي ، والشاعر كاظم السلامي وعبود غفلة والشاعر هادي القصاب وسعيد الهر والسيد عبد الحسين الشرع ومهدي الأموي صاحب القصيدة المشهورة (أحنه غير حسين ما عدنه وسيلة) ومن المتأخرين الشاعر محمد حمزة والشاعر عبد الرسول الخفاجي وعزيز الگلگاوي وغيرهم.
وعن مرضه يقول الحاج حسن علوان الصباغ: " في بدايات 1976 أُصيب الملا حمزة بمرض السرطان الخبيث، دون أن يعلم؛ وذلك أثر ظهور ورم في أنفه، فأخذ يراجع الأطباء في مدينة كربلاء، الذين لم يشخصوا السبب وراء هذا الورم.. وخلال فترة وجيزة ساءت حالته الصحية، وتقرر إرساله إلى بغداد للعلاج، وكُلفَ الرادود محمد حمزة بالتفرغ من عمله ومرافقته إلى بغداد، وبعد انتهاء العلاج في عدة مستشفيات في العاصمة بغداد، عَرجَ الملا حمزة مع مرافقيه الى الطبيب لمراجعة حالته الصحية، ونتائج الفحوصات الطبية، فهمس الطبيب في أذن مرافقيه قائلا: عُد به إلى البيت؛ فلا يعيش أكثر من شهر واحد.. وبعد انتهاء الشهر ساءت حالته لأقصى الحدود، ونقل على وجه السرعة إلى مستشفى كربلاء، ثم وافاه الأجل في اليوم الثاني يوم الثلاثاء 23 من شوال 1396، الموافق 16 اكتوبر من سنة 1976".
وبعد وصول خبر وفاته الى الحسينيين عم الحزن والأسى في أرجاء مدينة كربلاء المقدسة وعطلت المحلات وأطفأت الأضواء، وخرج الأهالي لتشييع الفقيد السعيد وتوديعه، واعتلت مكبرات الصوت بقصيدة الملا المرحوم وهو يقرأ (شلون ليلة توادع حسين العقيلة)، واستمر ذلك حتى مواراته الثرى في وادي كربلاء، ليبقى بعدها ذكره الخالد وأثره الحسيني الزاخر عابرا لحدود الزمان والمكان.