ان الدين فضلاً عن الحقائق الثلاث الكبرى التي ينبئ عنها -من وجود الله سبحانه. ورسالته الى الانسان. وبقاء الإنسان بعد هذه الحياة، وهي القضايا الأهم في حياة الإنسان على الإطلاق-يتضمن بطبيعة الحال جملة من التعاليم التي ينصح بها في ضوء تلك الحقائق مع اخذ الشؤون العامة لحياة الانسان بنظر الاعتبار. وحينئذٍ يقع التساؤل عن اتجاه هذه التعاليم، ورؤيتها للجوانب الإنسانية العامة، ومقدار مؤونة مراعاتها او معونتها للإنسان.
إن من المفهوم جدا أن لا يتساوى من عرف الله سبحانه، وآمن به، وأحس بأنه يعيش في نعمائه؛ فشكره وأثنى عليه، وامتلأ ضميره بالامتنان له، ورجاه فيما انكشف له من أبعاد الحياة. ومن جهله فلم يؤمن، ولا راعى الأدب اللائق، ولا أبدى شكراً وامتناناً ولا وجد إليه سبحانه حاجة.
ومن المفهوم أيضا أن الله تبارك وتعالى إذا بعث برسالة إلى العباد فإنه يقدر من وقف عليها، واعتبر بها بما لا يناله من لم يفعل ذلك.
ومن المفهوم أيضا أن من اطلع على الآخرة، ورجاها في أعماله، واماله فيما وعده الله سبحانه إياه ينال فيها ما لا يناله من لم ينظر إلى أن يزرع لتلك الحياة، ولم يصدق بها، ولا يقتضي الوفاء بالوعد مكافأته فيها، إذ الوعد بطبيعته ناظر إلى من وقف عليه وصدق به وعمل له، كما هو ظاهر.
المصدر/ اتجاه الدين في مناحي الحياة، محمد باقر السيستاني، ص 135-136.