ان الدين فضلاً عن الحقائق الثلاث الكبرى التي ينبئ عنها -من وجود الله سبحانه. ورسالته الى الانسان. وبقاء الإنسان بعد هذه الحياة، وهي القضايا الأهم في حياة الإنسان على الإطلاق-يتضمن بطبيعة الحال جملة من التعاليم التي ينصح بها في ضوء تلك الحقائق مع اخذ الشؤون العامة لحياة الانسان بنظر الاعتبار. وحينئذٍ يقع التساؤل عن اتجاه هذه التعاليم، ورؤيتها للجوانب الإنسانية العامة، ومقدار مؤونة مراعاتها او معونتها للإنسان.
الأمر الثاني: أن الدين فرق -بالنسبة إلى الجانب الأخروي -بين من أصاب الحقيقة
في مسعاه إلى السلوك الحكيم والفاضل ومن لم يصبها، سواء في جانب المعصية أم في جانب الطاعة.
أما في جانب المعصية فإذا ارتكب شخصان عملاً بداعي المعصية، فاتفقت المعصية من أحدهما دون الآخر، فإنه يعاقب العاصي دون الآخر، وهذا في الجزاء الدنيوي واضح لأنه لم يرتكب مخالفة قانونية. إلا أنه قد يتوقع تماثل حالهما بالنسبة إلى الجزاء الأخروي، من جهة توقع أن يكون ملاك الجزاء الأخروي هو النية والجهد، وأما الإصابة فهي خارجة عن حدوده.
ولكن لا شك في أن الجزاء الأخروي إنما يكون للعاصي دون الآخر؛ لعدم تطابق ما اعتقده مع الواقع، فكان اعتقاده جهلاً، وإن كان ما سعى إليه من الإثم مما يستوجب نقصان درجته، ولا ينال ما يناله السالم عن مثل هذا المسعى بطبيعة الحال.
المصدر/ اتجاه الدين في مناحي الحياة، محمد باقر السيستاني، ص40