ان الدين فضلاً عن الحقائق الثلاث الكبرى التي ينبئ عنها -من وجود الله سبحانه. ورسالته الى الانسان. وبقاء الإنسان بعد هذه الحياة، وهي القضايا الأهم في حياة الإنسان على الإطلاق-يتضمن بطبيعة الحال جملة من التعاليم التي ينصح بها في ضوء تلك الحقائق مع اخذ الشؤون العامة لحياة الانسان بنظر الاعتبار. وحينئذٍ يقع التساؤل عن اتجاه هذه التعاليم، ورؤيتها للجوانب الإنسانية العامة، ومقدار مؤونة مراعاتها او معونتها للإنسان.
الطرح الأول الذي يرى أن حقيقة الدين لا تدرك بالعقل بل بالقلب فهو أيضا انطباع غير صائب بالتأمل فيه؛ وذلك لأنه ينحل مضمونه إلى شقين: نفي إدراك العقل لتلك الحقائق، وإثبات إدراك القلب لها.
1-أما الشق الأول: فإن كان المقصود به تجاوز الدين للعقلانية العامة في حدودها الصائبة والراشدة فذلك خطأ ظاهر.
وإن كان المقصود به أن هناك حقائق إضافية لا يتأتى للعقل الحدس بها أو التوصل إليها؛ لأنه لا يملك الأدوات الموصلة إليها أو النافية لها، ولا ينبغي للإنسان أن ينطلق من استبعادات بدائية إلى نفيها، فهذا معنی صائب، لأن آفاق الحقيقة أوسع من أن يستوعبها العقل.
المصدر/ اتجاه الدين في مناحي الحياة، محمد باقر السيستاني، ص30-31.