التروية هو اليوم الثامن من ذي الحجة، وسمي بذلك نسبة لتَزوّد حجاج بيت الله الحرام بالماء قبل ذهابهم لمِنى، التروية: مشتقة من المصدر رَوَيَ، فقد جاء في لسان العرب، تروّى القوم وروَّوا، أي تزوّدوا بالماء، وهذا اليوم يسبق يوم عرفة، وحجّاج القرون الماضية في مسيرهم نحو مِنَى أثناء تأديتهم لمناسك الحج، كانوا يَرتَوُون فيه من الماء، لعدم توفره في مِنى.
وقيل أنّه سمّي بهذا الاسم لأنّ الله أرى فيه ابراهيم (ع) مناسك الحج، واستحباب صيامه في هذا اليوم فقد ورد عن الامام الصادق (ع) أنّه قال:( أنّ صوم هذا اليوم يعادل كفارة ستين سنة) وفي هذا اليوم انطلق الامام الحسين -عليه السلام-من مكة إلى الكوفة سنة 60هــ.
خطبة الإمام الحسين (عليه السلام) ليلة الخروج من مكة الى الكوفة قال (عليه السلام): "الحمدُ للهِ، وما شاءَ الله، ولا قُوّة إلّا بالله، وصلّى الله على رسوله، خُطّ الموتُ على ولدِ آدم مخطّ القِلادةِ على جِيدِ الفتاة، وما أولَهَني إلى أسلافي اشتياقَ يعقوبَ إلى يوسف، وخُيّر لي مصرعٌ أنا لاقيه، كأنّي بأوصالي تُقطّعُها عسلان الفلوات بين النواويسِ وكربلاء، فيملأنّ منّي أكراشاً جوفاً، وأجربة سغباً.
لا محيصَ عن يومٍ خُطّ بالقلم، رضا الله رضانا أهل البيت، نصبر على بلائه، ويُوفّينا أجور الصابرين، لن تشذّ عن رسول الله لحمته، بل هي مجموعة له في حظيرة القدس، تقرُّ بهم عَينه، وينجزُ بهمْ وعدَه.
مَن كان باذلاً فينا مهجتَه، وموطِّناً على لقاءِ الله نفسه، فلْيَرْحل معنا، فإنّي راحلٌ مُصبحاً إن شاءَ الله".
فقرر الإمام (عليه السلام) التوجُّه إلى العراق، وذلك في اليوم الثامن من ذي الحجة (يوم التروية) 60 هـ، ويعني ذلك أنَّ الإمام (عليه السلام) لم يُكمِل حَجَّه بِسببِ خُطورَةِ الموقف، لِيُمارس تكليفه الشرعي في الإمامة والقيادة، فجمع الإمام الحسين (عليه السلام) نساءه، وأطفاله، وأبناءه، وأخوته، وأبناء أخيه، وأبناء عُمومَته، وشدَّ (عليه السلام) الرحَال، وقرَّر الخروج من مكة المكرَّمة متوجهاً الى الكوفة.
المصدر
1- لسان العرب ج5 ص381
2- راجع إقبال الأعمل ص937
3- مثير الأحزان، ص29.