إنَ أهم ما يُلزم على الإنسان في هذه الحياة بعد العلم بحقيقتها وآفاقها وغاياتها من خلال الإيمان بالله سبحانه ورسله الى خلقه والدار الآخرة هو توعيته لنفسه وتزكيته إياها، بتحليتها بالفضائل وتنقيتها من الرذائل، حتى يتمثل علمه في عمله واعتقاده في سلوكه، فيكون نوراً يستضيء به في هذه الحياة ويسير بين يديه وبإيمانه في يوم القيامة.
تؤثر ميول المرء ومشاعره في انطباعه، فإذا كان وقوع شيء موافقاً لميوله واندفاعه زعمه واقعا وان لم تكف الشواهد الموضوعية بإثباته، حتى يبرر لنفسه التوصل الى ما يميل اليه ويندفع نحوه، وقد قال عز من قائل ( وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَىٰ إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ)
ويطلق على هذا النحو من الادراك – الذي يدرك فيه المرء الواقع على وفق ما يرغب في ان يكون عليه – اسم (التفكير الارتغابي) ويقابله (التفكير الواقعي) الذي يبذل فيه المرء جهداً في التعرف على الوقائع ثم يقصر نشاطه العقلي عليه.
المصدر: أصول تزكية النفس وتوعيتها، محمد باقر السيستاني، ج1، ص192