إنَ أهم ما يُلزم على الإنسان في هذه الحياة بعد العلم بحقيقتها وآفاقها وغاياتها من خلال الإيمان بالله سبحانه ورسله الى خلقه والدار الآخرة هو توعيته لنفسه وتزكيته إياها، بتحليتها بالفضائل وتنقيتها من الرذائل، حتى يتمثل علمه في عمله واعتقاده في سلوكه، فيكون نوراً يستضيء به في هذه الحياة ويسير بين يديه وبإيمانه في يوم القيامة.
أن خلقة الانسان في الدنيا والاخرة واحدة، فهي الجسد المادي الذي يتمتع بنعم الحياة ولا يجد غنى عنها، وأن المرء مهما زهد في هذه الحياة فإنه لن يجد غنى عن حاجاته منها، فكيف بنعم الاخرة التي قال عنها سبحانه وتعالى (فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) وانما نحن عبيد الله سبحانه وتعالى نحتاج الى ما خلقنا محتاجين الية ونستمتع بما أودع في وجودنا والاستمتاع به ونشكره على كل ما أذن لنا فيه وأنعم علينا به من ذلك، ومن الجهل وسوء الادب أن يتظاهر المرء بالاستغناء عما يحتاج الية ويترفع عما هو مطبوع عليه في محضر من هو مصدره في حوائجه وعونه في نوائبه.
المصدر: أصول تزكية النفس وتوعيتها، محمد باقر السيستاني، ج1، ص95