إنَ أهم ما يُلزم على الإنسان في هذه الحياة بعد العلم بحقيقتها وآفاقها وغاياتها من خلال الإيمان بالله سبحانه ورسله الى خلقه والدار الآخرة هو توعيته لنفسه وتزكيته إياها، بتحليتها بالفضائل وتنقيتها من الرذائل، حتى يتمثل علمه في عمله واعتقاده في سلوكه، فيكون نوراً يستضيء به في هذه الحياة ويسير بين يديه وبإيمانه في يوم القيامة.
بقاء الإنسان بعد الموت
الأول – وهو خطير جداً - : أن الانسان لا يفنى بانقضاء هذه الحياة بل يبقى بعدها وإنما تنفصل بالموت روحه عن جسده، وعليه فإن الإنسان كائن مؤلف من روح لطيف وجسم كثيف، وقوام وجوده هو الأول ولكن الثاني هو الذي يبتدئ به في نشأته في هذه الحياة حيث إنه يكون أولاً جنيناً نامياً حتى تنفخ فيه الروح الإنسانية.
ووجه خطورة هذا المعنى أنه يوجب قلق الإنسان بشأن طبيعة حياته بعد الموت وما يتفق له حينئذ، فما هي العلاقة بين ممارسته في هذه الحياة وبين وضعه وأحواله في ما بعد؟ فهل تنعكس عليه ممارسته الفاضلة وغيرها أم ماذا؟ وكيف يستعد الانسان لحياته الأخرى ويحاول أن يكون سعيداً فيه؟ والجواب عن ذلك كله مما حدد بوضوح في رسالته سبحانه وتعالى.
المصدر: أصول تزكية النفس وتوعيتها، محمد باقر السيستاني، ج1، ص70.