لم تشغل مسؤولية الثورة التي تحتاج إلى إمكانيات عظيمة وتفرغ كامل لهذه المسؤولية الإمام الشيرازي من إداء مسؤوليته الكاملة كمرجع في النظر في أمور الناس والطلبة والدروس ومثلما كان قطب الثورة ومركزها وقائدها، فقد كان المدرس والمربي والاستاذ للطلبة والمرجع والملاذ الذي تلوذ به الناس لتلبية حاجاتهم.
يتحدث السيد شهاب الدين المرعشي النجفي ــ وهو أحد تلاميذ الشيرازي ــ في كتابه (أسرة المجدد الشيرازي) (ص186) عن المسؤوليات الكبرى التي كان يقوم بها الشيرازي فيقول ما نصه: (عندما كانت الثورة العراقية الكبرى مشتعلة الأوار وكان جهاد الشعب العراقي المسلم ضد الإحتلال البريطاني على أشده وكان المغفور له الشيخ الميرزا محمد تقي الشيرازي بمثابة ثقل هذه الثورة ومحور الحركة الدينية والدنيوية وكانت الأنظار كلها متجهة إليه وكان منشغلا في كل أوقاته بحل وربط قضايا الجهاد والدين وكان بيته مزدحما برؤساء العشائر الثائرة ورجالات السياسة والدين، ولكنه بالرغم من كل ذلك لم ينس أمور طلاب العلم، بل كان يسعى لكي لا تحول هذه الأمور والقضايا بينه وبين طلاب العلم وخلاصة المحتاجين منهم، وقد صرح أمامنا نحن معشر الطلاب ـ وكنت في ذلك الوقت أحد الطلاب المحصلين ـ أيها السادة طلاب العلم الأجلاء ترون بأنفسكم كيف أن رجال العشائر ورجالات السياسة يحوطون بي ويزدحمون حولي وكيف أن الحرب مع الإنكليز تأخذ كثيرا من أوقاتي فأخاف أن واحدا منكم له حاجة معي ولا يمكنه الوصول إليَّ، ولتفادي مثل هذه الحالة فإني سأقوم من الآن فصاعدا بالمشي على شاطئ نهر الحسينية في كربلاء لوحدي بعد صلاة الفجر من الصبح الباكر جداً، فمن أراد منكم الإلتقاء بي لقضاء حاجة أو من أجل معضلة علمية فليأتني هناك).
ويتابع السيد المرعشي حديثه بالقول: (وهكذا فعل ولقد رأيته بنفسي عدة مرات في الصباح الباكر وهو يمشي هناك انتظارا منه للقاء من له حاجة أو مسألة منه).