يعود تاريخ اليشماغ الى العصور القديمة في بلاد الرافدين، حيث كان الكهنة خلال فصل الربيع يرتدون الملابس البيضاء بشكل يغطيهم من الرأس حتى القدمين، وبعضهم كانوا يضعون على رؤوسهم وفوق القماش الابيض شبكة سوداء مصنوعة من صوف الاغنام كشبكة صيد السمك لترمز الى موسم الخير والتكاثر، وبمرور الزمن اصبحت ملاصقة لليشماغ حتى وقتنا الحاضر، اذ اصبحت أرضية اليشماغ بيضاء وينسج فوقه شبكة الصياد لتصبح قطعة واحدة، ويظهر من التماثيل العديدة للحاكم السومري كوديا (٢١٤٦-٢١٢٢ ق.م) والمحفوظة في متحف اللوفر وكوبنهاكن انه اول حاكم ارتدى اليشماغ قطعة واحدة.
وهكذا انتقل لبس اليشماع تدريجياً من لباس النخبة الحاكمة والمقدسة الى اللبس الشعبي الاكثر رواجاً في أرض الرافدين وما حولها، ولو ألقينا نظرة فاحصة على بعض قواميس اللغة المسمارية لوجدنا ان أصل كلمة يشماغ مكونة من مقطعين في اللغة السومرية من (آش ماخ) وتعني غطاء رأس عظيم أو (آش ساخ) أي غطاء الكاهن العظيم ) ، اما كلمة اليشماغ في اللغة الاكدية فأنها صفة الشموخ والسمو بمعنى لباس يعلى على الرأس من يلبسه يتصف بالسمو والشموخ والهيبة.
كان في كربلاء المقدسة حرفيون يعملون بصناعة اليشماغ واغلبهم في سوق الخياطين لكن بريطانيا كان لها رأي اخر حيث اقامت معمل خاص بصناعة اليشماغ واطلق عليه ( اليشماغ اللندني ) ويعد من اجود أنواع الاشمغة في العالم، لكن العراق استطاع ان يفتتح أكثر من معمل لهذا الغرض وبالأخص في كربلاء المقدسة، حيث أنشأ في العراق اربعة معامل لنسيج اليشماغ منها اثنان في كربلاء المقدسة، ويعد واحد منهم من أكبر المعامل في الوطن العربي وأول معمل في العراق يختص بصناعة اليشماغ، حيث تأسست شركة كربلاء للصناعات المساهمة ( الخاصة) بتاريخ ١٩٥٠م، وافتتح عام ١٩٥٣.
وبدأ عمل الشركة بتشغيل (21) جومة للغزل وازداد العدد حتى وصل الى ( ۱۲۰ جومة )، واستطاعت الشركة ان تغطي الأسواق المحلية من اليشماغ، حتى استطاعت عام ١٩٦٩م ان تصدر منتوجاتها الى خارج العراق ومنها المملكة العربية السعودية بناءً على طلب أحد المستوردين السعوديين، وكان استيراد القطن من مصر وباكستان وتركيا، ولكن أغلقت الشركة بعد سقوط النظام البائد عام ٢٠٠٣م .
المصدر: الحرف والصناعات اليدوية في كربلاء المقدسة، مركز كربلاء للدراسات والبحوث، 2023، ص107-109.