في سياق بيانها لمراحل تطوّر علم وفن الخطابة الإسلامية، بيّنت موسوعة كربلاء الحضارية الصادرة عن مركز كربلاء للدراسات والبحوث في العتبة الحسينية المقدسة، وعبر دراسةٍ تفصيلية متخصصة، المنهج الذي سار عليه سيد الشهداء "عليه السلام" في توجيه بلاغته الخطابية كسلاح أولي نحو صدور أعداء الله ورسوله في ساحات موقعة كربلاء.
وجاء في الموسوعة أنه "فيما يخص منهج الإمام الحسين (عليه السلام) الذي نشأ وتربى في أحضان الرسالة، وإقتبس روح البلاغة والفصاحة من جده وأبيه، فقد خاطب أعداءه الباغين خطاب الهداة المصلحين، وألقى عليهم الحجة، فكانت دليلاً واضحاً وقاطعاً له حسبما ذكره (محمد باقر القرشي) في كتابه (حياة الإمام الحسن بن علي)".
وأضاف المحور التاريخي بالموسوعة، أن "الإمام (عليه السلام) قد أتخذ موقفاً مماثلاً في كربلاء، إذ ألقى في يوم العاشر من محرم، الحجة على جموع جيش يزيد، فقال في مقام الاحتجاج عليهم، أنه (أما بعد فأنسبوني وانظروا من أنا ثم ارجعوا إلى أنفسكم وعاتبوها، هل يجوز لكم قتلي وإنتهاك حرمتي، ألستُ ابن بنت نبيكم وابن وصيه وابن عمه وأول القوم إسلاماً، وأول المؤمنين بالله والمصدق لرسوله بما جاء من عند ربه، أوليس حمزة سيد الشهداء عم أبي؟، أوليس جعفر الشهيد الطيار ذو الجناحين عمي؟، أولم يبلغكم، قول مستفيض فيكم أن رسول الله، قال لي ولأخي، أن هذان سيدا شباب أهل الجنة، فإن صدقتموني بما أقول وهو الحق، فوالله ما تعمدت كذبا مذ علمت أن الله يمقت عليه أهله ويضر به من اختلقه، وإن كذبتموني، فان فيكم من إن سألتموه عن ذلك أخبركم، سلوا جابر بن عبد الله الأنصاري)، حيث لم يرد عليه أي أحد منهم".
وأشار قسم التاريخ الإسلامي بالموسوعة، الى أنه "في هذه الحالة، تتجلى قيمة الخطابة منذ أن كانت سلاحاً مادياً معنوياً للمجتمع المدني الإنساني في سلمه وحربه، وفي ترقيته والإسراع به نحو المثل الأعلى الذي يجب أن يُقصد إليه فليست بدعا ان كانت بلاغ النبيين إلى أممهم".
المصدر:- موسوعة كربلاء الحضارية الشاملة، المحور التاريخي، قسم التاريخ الإسلامي، النهضة الحسينية، الجزء العاشر، منشورات مركز كربلاء للدراسات والبحوث، 2020، ص 15.