استقرضت الحكومة البريطانية في الهند في عام 1825م مبلغاً مالياً من غازي الدين حيدر أحد ملوك أودة قدره (10) ملايين روبية؛ بسبب الضائقة المالية التي مرّت بها الحكومة نتيجة الحرب في النيبال. وقد اتفق الجانبان على بقاء أصل القرض دون تسديده نهائياً بشرط أن تعطي الحكومة البريطانية فائدة بنسبة (75) سنوياً، وقد وقع الجانبان اتفاقية في 17 آب 1825م تضمنت نقاط عديدة لبيان صرف أموال الفائدة السنوية المترتبة على هذا القرض.
وقد أبدت الدولة العثمانية قلقها من تسلم المجتهدين الشيعة أموالاً كبيرة من ذلك الوقف، إلا إنّ بريطانيا قد طمأنت الدولة العثمانية بأنّ الأموال وتوزيعها سوف يكون بإشراف القناصل البريطانيين في بغداد للحيلولة دون القيام بإعمال ضد الحكم العثماني في ولايات العراق. وأشار القنصل البريطاني في بغداد أرنولد کمبل إلى أنّ العلاقة بين الدولة العثمانية ورجال الدين الشيعة كان يشوبها التوتر في بعض الأحيان، لذلك فإنّ الدولة العثمانية كانت تتخوف من أنّ تلك الأموال سوف تضعف إدارتها في مدن العتبات المقدسة من جهة، ومن جهة أخرى تشجع الشيعة على التمرد على الإدارة العثمانية كما حدث في كربلاء عام 1843م۔
وكان الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر هو أول مرجع ديني تسلم أموال وقف أوده في النجف الأشرف وذلك في عام 1850م، أما حصّة كربلاء فقد تسلمها السيد علي نقي الطباطبائي. وكان مقدار المبلغ الذي تستلمه النجف وكربلاء أواخر خمسينات القرن التاسع عشر حوالي (12.000) روبية سنوياً.
وبعد وفاة صاحب الجواهر تسلم حصّة النجف من الوقف الشيخ مرتضى الأنصاري حتى عام 1857م حينها رفض تسلم تلك الأموال وأنهى علاقته بوقف أوده، ومن المرجح أن الشيخ الأنصاري لم يتول مباشرة توزيع أموال الوقف، بل أناط هذه المهمة بالشيخ مهدي کاشف الغطاء. وفي عام 1858م تولى السيد علي بحر العلوم مهمة تسلم حصة النجف من هذا الوقف.
وقد أدخلت تغييرات في وقف أوده في عام 1860م، تمثلت باستحداث الصندوق الهندي لإعانة الهنود المقيمين في النجف وكربلاء والكاظمية، وكان بتأثير من نواب اقبال الدولة، وتم تمويل هذا الصندوق من أموال وقف أوده إذ استقطع ثلث مبالغ النجف الاشرف وثلث مبالغ كربلاء المقدسة، وبلغ مقدار هذين الثلثين (3300) روبية شهرياً أي (39600) روبية سنوياً.
المصدر/ موسوعة كربلاء الحضارية، المحور التاريخي، قسم التاريخ الحديث والمعاصر، الوثائق العثمانية، ج7، ص358-361.