عاشت المدن الشيعية المقدسة في العراق حالة من الفتن والاضطرابات الأمر الذي واجهته السلطات العثمانية بالبطش والإرادة القاسية، ومنذ عهد المماليك تعرضت بعض المدن الشيعية إلى الحصار الشديد، فهذا والي بغداد المملوكي "داود باشا" فرض الحصار على مدينة كربلاء عام 1825م، الذي استمر حتى عام 1829م، حتى تمكن من احتلالها.
وتعرضت مدينة كربلاء مرة ثانية لحصار الوالي العثماني "علي رضا اللاز"، ولم يتركها إلا بعد أن دفع له أهالي المدينة (70000) قراناً، عندئذ رضي وأنهى حصاره لها، إلا إن أشد الهجمات التي واجهتها مدينة كربلاء كانت في عام 1842 م، عندما تعرضت المدينة إلى انتقام الوالي العثماني "محمد نجيب باشا" الذي قاد جيشاً كبيراً، فحاصر المدينة مدة ثلاثة وعشرين يوماً.
وبعد معركة دموية دخلتها القوات العثمانية، فالتجأ قسم من الناس والمقاتلين إلى صحن الإمام العباس بن علي (عليه السلام) وحضرته المطهرة، غير أن قوات الوالي العثماني تتبعتهم إلى هناك ولم تتورع عن قتل المئات من اللائذين بهذا المرقد المقدس بكل وحشية وقسوة، مع أنها أمنت اللاجئين إلى بيوت الشيخية وبيت السيد كاظم الرشتي رئيس الكشفية، على أنفسهم وأموالهم ولم تتعرض لهم بأي سوء.
وبعد ذلك نادى المنادي بالأمان وأوعز إلى القوات الحكومية بالعودة إلى مقراتها، وادعى البعض أن الهجوم العثماني على كربلاء لا بد أنه كان بموافقة من حكومة الباب العالي لقداسة المدينة عند المسلمين وخاصة الشيعة.
المصدر/ موسوعة كربلاء الحضارية، المحور التاريخي، قسم التاريخ الحديث والمعاصر، الوثائق العثمانية، ج7، ص409-412.