كان السبب الرئيس وراء قرار الدولة العثمانية تشكيل جهاز الشرطة هو الحاجة إلى تشكيل جهاز أمني جديد يكون بعيداً عن الفساد والرشوة وأكثر فعالية من قوات الضبطية التي دب الفساد بين صفوف منتسبيها إلى درجة لم يكن بمقدور الدولة إصلاحه، وفي بداية تأسيسها لم تصل سلطة جهاز الشرطة إلى المناطق البعيدة في القرى والأرياف.
وقد حددت السلطات العثمانية شروط عدة للشخص الذي يريد الخدمة أو العمل بقوات الشرطة منها تمتعه بالعفة والغيرة والطاعة والاستقامة، وأن يكون من التبعية العثمانية، وسالم من الأمراض، وغير محكوم عليه بالسجن لأكثر من ثلاثة أشهر، وكانت مدة الخدمة في جهاز البوليس عامين كاملين، ويحق للمنتسب البقاء في الخدمة بعد انتهاء مدة العامين أو الخروج منه.
أما المهام الملقاة على جهاز الشرطة هي الحفاظ على أمن ونظام المدينة ومراقبة الأعمال المخلة بالآداب العامة، والمشاركة في إطفاء الحرائق، وإجراء التحقيقات في الجرائم وإيداعها في المحاكم، ومراقبة الاجتماعات العامة، ومنع محو الإعلانات التي تصدرها الحكومة العثمانية، ومنع حمل السلاح في مناطق الدولة المختلفة باستثناء الأشخاص الذين لديهم رخصة لحملها.
وكانت دائرة شرطة لواء كربلاء خاضعة لإشراف الوالي وكانت له الصلاحية في تعيين وعزل مديرها وملاكها وتوزيعهم على المدن، إلا أن هذه الصلاحية حولت إلى وزارة الداخلية العثمانية بعد صدور قانون الولايات لعام 1913م.
ودائرة شرطة مركز لواء كربلاء في عام 1907 م تضم قومیسر (مفوض) هو "صالح شوقي أفندي"، وثلاثة أفراد من الشرطة هم "سليمان أفندي"، "وصادق أفندي"، و"حسين أفندي". وفي عام 1911م كانت هذه الدائرة بإدارة مفوض من الدرجة الثالثة وضمت أربعة شرطة هم "رشيد أفندي"، و"سعيد أفندي"، و"حسين رضا أفندي"، و"حسين فوزي".
وكان منتسبو دائرة الشرطة في لواء كربلاء كثيراً ما يتم نقلهم واستبدالهم مع أقرانهم في بعض الألوية ففي تشرين الأول 1901 م تم نقل "شكري بك" رئيس الشرطة في لواء كربلاء إلى لواء الديوانية، ونقل رئيس شرطة لواء الديوانية "محمود أفندي" إلى شرطة لواء كربلاء.
وفي أيلول 1915م تم تعيين عدد من منتسبي الشرطة في قضاء كربلاء هم كل من إبراهيم حقي أفندي وشاكر أفندي وموسى صبري أفندي ومجيد أفندي، وفي الوقت ذاته تم عزل الشرطي محمود أفندي من وظيفته.
وعن بناية دائرة شرطة كربلاء ترمم بين الحين والآخر ففي شهر نيسان 1916م تم تخصيص مبلغ مالي قدره (890) قرش لأغراض ترميم وفرشاً أرضية تلك الدائرة.
أما بالنسبة لرواتب منتسبي الشرطة مطلع القرن العشرين للميلاد فكانت (1000) قرش للمفوض من الدرجة الأولى، و(500) قرش للمفوض من الدرجة الثانية، و(300) قرش للمفوض من الدرجة الثالثة، و(200) قرش للشرطي، وهذه الرواتب كانت قليلة في وقتها، فضلا عن عدم تسليمها لهم بانتظام مما أدى إلى تعاطي منتسبي الشرطة الرشوة وغض النظر في بعض الأحيان عن الجرائم والسرقات.
المصدر/ موسوعة كربلاء الحضارية، المحور التاريخي، قسم التاريخ الحديث والمعاصر، الوثائق العثمانية، ج7، ص155- 157.