أبرَزَ كتاب "البحث عن الملوك والغزاة - غيرترود بيل وعلم الآثار في الشرق الأوسط" للباحثة والأستاذة في مجال فن وآثار الشرق الأدنى بجامعة كولومبيا البريطانية، "ليزا كوبر" صورةً نادرة للمستشرقة وعالمة الآثار البريطانية الشهيرة "غيرترود بيل"، أثناء قيامها بتسجيل قياسات أحد جدران قصر "الأخيضر" ضمن دفتر ملاحظاتها الميداني، فيما يظهر في الصورة أيضاً رفاق الـ "مس بيل" العرب خلال مساعدتهم لها في عملية تسجيل القياسات.
ومما جاء في وصف "مس بيل" لرفاقها في السفر أنهم "كانوا يحملون بنادقهم على أكتافهم طوال الوقت، حيث لن يدفعهم شيء إلى ترك تلك البنادق في الخيام"، مشيرةً في سياق إحدى الرسائل الموجهة الى عائلتها في المملكة المتحدة بتاريخ 29 مارس / آذار 1909، الى أن هذا الأمر جعل العملية غير مريحة بشكل كبير، ومنه أن شريط القياس كان يعلق على الدوام ضمن سبطانات البنادق وأخامصها".
قدّمت "بيل" وصفاً لموقع وتخطيط وهندسة قصر ومسجد الأخيضر عبر منشورات مختلفة، لكن تقريرها النهائي عن الموقع والذي نُشر عام 1914، كان الأطول والأكثر تفصيلاً، ونظراً لأن القصر يتكون من العديد من الغرف الداخلية والممرات والمساحات المفتوحة، فقد كان من الضروري لها وضع نظام لتمييز المساحات الفردية وبالتالي تسهيل مطابقة الأوصاف النصية لهذه المساحات مع المخططات والصور المرتبطة بها، ومما يبدو أن "بيل" قد تخلّت في وقت سابق عن الغرف المؤشرة بحروف لصالح المساحات المؤشرة بأرقام حسبما إستخدمها المهندس المعماري وعالم الآثار الألماني "أوسكار رويثر" بعد زيارته للأخيضر ونشره لتقرير خاص عنه في عام 1912.
وتضيف مؤلفة الكتاب أنه "تم إعتماد نظام الترقيم الخاص بـ (رويثر) أيضاً في وقت لاحق من قبل المؤرخ وعالم الآثار البريطاني (كيبيل أرتشيبالد كريسويل)، وهو النظام المستخدم هنا لتحديد ووصف المساحات المختلفة داخل القصر نظراً لأن كل من (بيل) و(رويثر) و(كريسويل) كانوا قد قدموا جميعاً أوصافاً دقيقة وموثوقة للهندسة المعمارية الواسعة للأخيضر، وأما فيما يخص المؤلفة نفسها نظامها كان عبارة عن تقرير مختصر كثيراً يعتمد بشكل أساسي على وصف (مس بيل) ومخططاتها، ويهدف إلى تسليط الضوء على تعقيد القصر والتأكيد على الإنجاز الرائع الذي حققته (بيل) في تسجيله بدقة كما فعلت في الأيام القليلة التي أمضتها في الموقع".
إن رواية "كريسويل" الخاصة عن الاخيضر إستناداً إلى الزيارات التي قام بها بعد 21 عاماً أو أكثر من زيارة "بيل"، لم تفعل شيئاً يذكر لزيادة ملاحظاتها وأوصافها المعمارية، فيما أن صوره تكرر، وأحياناً بتأثير أقل، لقطاتها التفصيلية والمفيدة.
يجب أن يساعد وصف تخطيط المجمع المقدم هنا، جنباً إلى جنب مع الخطة المصاحبة له، على وضع تحليلات "بيل" المعمارية، والموصوفة جزئياً لاحقًا في الفصل، ضمن سياق أكثر قابلية للفهم.
المصدر:
In Search of Kings and Conquerors, Gertrude Bell and the Archaeology of the Middle East - Lisa Cooper
[Pg. 111-112].