الريافة هي عملية اصلاح القماش المنسوج، هي مهنة يدوية قديمة، كان (للروافين) محال خاصة والحاملة اسمهم ففي الأربعينيات من القرن الماضي كان في أسواق كربلاء القديمة عدد من الروافين الذين يروفون ما أتلف من الثياب الثمينة والنادرة، وریافة الملابس بدأت مهنة يدوية كسائر المهن الأخرى، وقد دخلت المكننة عليها كلها باستثناء الريافة التي ظلت يدوية، أدواتها لا تتجاوز الابرة الدقيقة، ومادتها الأولية الخيوط التي يحصل عليها من بقايا أقمشة البدلات.
وكانت الحاجة ماسة جداً إلى مهنة الريافة، يوم كانت البيوت الكربلائية القديمة تعيش في شقوق جدرانها القوارض كالفئران، وتنتشر فيها الصراصر وحشرة العث التي تقضم الملابس الصوفية عند الاستغناء عن استعمالها في أشهر الصيف، ولم تكن دواليب الملابس الحديثة معروفة، ولا السموم المبيدة والمضادة لتلك القوارض، ومن الملفت للنظر أن الانسان الذي يحترف الريافة لا يحتاج إلى رأس مال كبير لأنه يكتفي بدكان صغير وبسيط و(مندر) يجلس عليه ثم أدواته القليلة والرخيصة، الا انه يحتاج إلى ما هو أثمن من كل ذلك، الدقة، والصبر الطويل، حتى يستطيع القيام بعمل على الوجه الأكمل، وقد اشتهر بعض الروافين، بأنهم يروفون الشق الكبير الذي تصاب به البدلة والعباءة جراء (نتلة بسمار) وتعرف باسم (قفل ومفتاح)، فيعيدونها بالإصلاح إلى ما هو أقرب الى ما كانت عليه البدلة قبل أن تعطب.
وتعد الريافة من المهن العالمية المحترمة وهي قديمة قدم الملابس، ولكنها لا تكون الا في المدن الكبيرة نسبياً، كون أن الرواف لا يستطيع الحصول على مورد كاف في المدن الصغيرة، وقد نجد عند شرائنا بدلة جاهزة في احد جيوبها، قطعة صغيرة (احتياط) من ذات قماش البدلة، مع زرين من أزرارها احدهما صغير والاخر كبير، وذلك من اجل تسهيل مهمة الرواف، حتى لا يضطر إلى ريافة (النتل) أو الثقب بخيط قد لا يتشابه، الا أنها لم تعد لها مثل مكانتها السابقة، وذلك بسبب ارتفاع مستويات الدخل، واستيراد الملابس الجاهزة، وتوفر المضادات المبيدة، أدت كلها إلى الاستغناء عن الرواف، ولم يعد يجد الا قلة من الزبائن.
المصدر/ موسوعة كربلاء الحضارية، المحور الاجتماعي، ج1، ص 156-157.