تميزت حمامات السوق الكربلائية في العصر العثماني بتخطيط مستوحى من فكر الفن الشعبي الإسلامي الذي كان سائداً في مدن العالم الإسلامي، اذ تأسست الحمامات في المقام الأول لخدمة الطبقة الشعبية التي تمثل القاعدة العريضة في المجتمع الكربلائي لذلك نجد عمارة الحمامات قد تميزت بالبساطة وعدم الإسراف عكس ما نجد عليه الحال في المشيدات المعمارية الأخرى مدنية كانت أم دينية، ومن ثم لم يخرج تخطيطه عن ثلاثة أقسام تتدرج فيها الحرارة من القسم البراني إلى الوسطاني فالجواني، علاوة على المقاصير الملحقة بكل من الوسطاني والجواني، فضلاً عن (القميم) وهو مكان تسخين المياه بيت النار، ونذكرها هنا:
القسم الأول: البراني (المنزع او المخلع): مكان فسيح أشبه بقاعة كبيرة غير مدفأ يخلع فيه الناس ملابسهم، ويحتوي على مساطب خشبية أو رخامية للجلوس، ويعرف المنزع محلياً ب (البراني) يتوسطه أحياناً حوض ماء صغير على شكل نافورة، ويعلو المنزع في أكثر الأحيان قبة كروية الشكل تحتوي على فتحات صغيرة ثبت فيها الزجاج الملون لإدخال النور إلى هذا الجزء من الحرام.
ومن الجدير بالذكر أن المنزع يحتوي على دواليب لوضع ملابس المستحمين واحذيتهم ومستلزماتهم الخاصة، فعند اعتلاء الزبون هذه الدكة بعد خلع حذائه، لاختيار حيز فارغ لخلع ملابسه، بعد اتمام خلع الملابس (يتوزر) الزبون (بوزره) يجلبها له صاحب الحمام او مساعده، ثم ينتعل (قبقاب) وبكل الحمامات هناك كمية من (القباقيب) ينتعلها الزبون عند الانتقال الى القسم الثاني)
القسم الثاني الوسطاني: ومن المنزع ينتقل المستحمون عبر دهليز يفضي إلى مكان كبير هو الحمام الذي يكون على شكل مربع أو دائرة، ويحتوي على أركان (خلوات) ويوجد في كل خلوة حوض صغير وحنفيتان، واحدة للماء البارد وأخرى للماء الحار وكذلك دوش، ويعلو هذا القسم في معظم الحامات قبة كروية كبيرة أو قباب صغيرة كروية الشكل تتوزع فيها فتحات صغيرة ثبت فيها الزجاج الملون لإدخال النور، أما الأرضية فكانت تبلط بالطابوق (الآجر) المسطح (الفرشي)، وفي أكثر الأحيان توضع عليه طبقة من القار الأسود، اما جدرانها فتغطى إلى ارتفاع النصف تقريبا بالقار الأسود وذلك المنع وصول الرطوبة.
القسم الثالث: (الجواني) بيت الحرارة: تشكل قاعة الجواني أو بيت الحرارة القسم الداخلي في الحمامات، وهي القاعة الحقيقية للاستحمام حيث الحرارة الشديدة المدرة للعرق، وقد حرص المعمار في تخطيط هذه القاعة على تطبيق المواصفات المعمارية التي اشترطها الفكر المعماري الإسلامي المتعلقة بعملية التنفس وعدم الضيق في تشكيل الحيز الفراغي لقاع الجواني من حيث ارتفاع الجدران واستخدام القباب والأقبية في التغطية.
القسم الرابع: (القميم) المستوقد: يعد القميم أو المستوقد من الوحدات المعمارية الهامة الملحقة بالحمام، فهو المكان المخصص لتزويد الحمام بالماء والهواء الساخن، اذ يتم به تسخين الماء بقدور كبيرة، كما كان يستفاد منه أيضاً في سحب الهواء الساخن وبقايا اللهب والدخان عن طريق أنابيب التدفئة أرضية كل من قاعتي الجواني والوسطاني.
المصدر/ موسوعة كربلاء الحضارية، المحور الاجتماعي، ج1، ص 188-192.