توضح رسائل ومذكرات "مس بيل"، والتي تسجل انطباعاتها الأولى عن قصر الأخيضر، أنها اعتقدت في البداية أن القصر هو عبارة عن مبنى "لخمي" لإمبراطورية المناذرة من القرن السادس الميلادي، معاصر لمدن "بني لخم" الأخرى المعروفة بكونها متناثرة فوق صحراء بلاد ما بين النهرين إلى الغرب من نهر الفرات.
وبالنظر إلى الهوية المفترضة للقصر وإعتقاد "مس بيل" أنه لم يخطط أحد لمثل هذا المكان من قبل، كان من المثير البحث في صرح لم تتم دراسة ونشر أي شيء عنه بشكل صحيح، ولهذا فقد شرعت في العمل على الفور، وسعت إلى التخطيط بعناية للهيكل بأكمله وتصوير عناصره العديدة، بهدف إكمال وصف كامل وقابل للنشر عند عودتها إلى إنكلترا.
كان مخطط "بيل" بالنسبة للأخيضر إبتدائياً ولكنه شامل، وكان لدى رفيقها في السفر "بي تي. واتس"، أدواته الخاصة بالمسح، ربما جهاز قياس الزوايا، حيث زوّدها بقياسات للأطوال الخارجية والداخلية الطويلة لتحصينات الأخيضر والقصر الموجود بداخلها، فيما تم إجراء جميع القياسات الأخرى في الأخيضر بواسطة "بيل" نفسها بإستخدام شريط قياس بسيط ومسطرة يدوية.
تم تمييز قياسات بيل حسب السياقات العلمية في عدة صفحات من دفتر ملاحظات ميداني، والذي قدّمت عبر صفحاته خرائط تخطيطية لمختلف قطاعات البناء وخصائصها.
ومما لا شك فيه، إن التحديات المرافقة لعملية التخطيط لمثل هذا الصرح الضخم والمعقد كانت هائلة، لكن "بيل" كانت مصممة على الحصول على سجل كامل ودقيق للقصر، حيث قضت يوميّن كامليّن في أخذ قياسات جدران، وأبراج، وبوابات الأخيضر، مستعينةً بما كانت تتلقاه من مساعدة من الرجال المرافقين لها كالتناوب على تثبيت شريط القياس وحمل آلة التصوير الخاصة بها، وهو ما أشارت اليه شخصياً بالقول إنهم "في يوم واحد تعلموا بالضبط ما أريده، وهم مفيدون للغاية بالنسبة لي، لأنني ببساطة يجب أن أمشي وراءهم مع دفتر التخطيط الخاص بي ومن ثم تدوين الأشكال المستقاة من الشريط".
بمجرد إكمال قياساتها، قامت "بيل" برسم الطابق الأرضي للمجمع بأكمله، مستلقيةً على أرضية إحدى الغرف المظللة والباردة ضمن إسطبل القصر، حيث كانت خيامها الخاصة متربة للغاية مما يستثنيها من الإستخدام لمثل هكذا عمل دقيق.
كما قامت "بيل" أيضاً بقياس الطابقيّن العلوييّن من القلعة في اليوم السابق لمغادرتها، وفي المجمل فقد أنجزت المهمة بأكملها مع بعض الفخر، مشيرةً إلى أن خطتها نجحت بحدود الـ (40 سم) من قياسات السيد "واتس" التي تم تسجيلها في اليوم الأول، وكان هذا المخطط هي ما أعيد إنتاجه في أول إثنين من منشورات "بيل" الخاصة بوصف إكتشافاتها في قصر الأخيضر، والتي نشرت في عاميّ 1910 و1911 على التوالي.
المصدر: In Search of Kings and Conquerors, Gertrude Bell and the Archaeology of the Middle East - Lisa Cooper. [Pg. 108-110]