ترجمة موسوعة كربلاء الحضارية العديد من وثائق الحكم العثماني والتي تخص مدينة كربلاء ومن بين تلك الوثائق الوثيقة التي تم تصنيفها من أوراق وزارة الخارجية، القلم السياسي وقد صدرت هذه الوثيقة من وزارة الخارجية مديرية الامن العام بتاريخ (1332هـ / 1914م)
ان موضوع الوثيقة فتاوى مراجع الدين الشيعة بوجوب الجهاد ضد الاحتلال البريطاني للعراق عام 1914م، وقد احتوت الوثيقة على فتوى الجهاد من المراجع الدينة في مدينة النجف وكربلاء والكاظمية وسامراء.
ان محتوى هذه الوثيقة على النحو الآتي: بسم الله الرحمن الرحيم (فتاوى عموم العلماء بوجوب الجهاد)
قال الله تعالى (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ) صدق الله العلي العظيم
وقال النبي صلى الله عليه والسلام (الجهاد باب من أبواب الجنة فتحه الله لخاصة أوليائي). أيها المسلمون نسألكم بعز الإسلام وشرف القرآن أن تقرأوا هذه الكلمات وتدققوها وتنظروا إلى فتاوی علماء الدين لئلا يتقي للناس على الله حجة.
إن أعداء الإسلام يتسابقون في حرق القرآن ومحو دين الإسلام وحفر قبر النبي ووضع جثته في المتاحف وهدم الكعبة وهتك أعراض المسلمين وقتل رجالهم وذبح الأطفال الرضع على صدور أمهاتهم وبقر بطون الحوامل ونهب أموال المسلمين كما فعلوا ذلك في البلقان وبقية البلاد الإسلامية وها هم اليوم قد هاجموا ثغوركم هذا المقصد لا لغيره يريدون الاستيلاء عليكم فيفعلون بكم هذا الفعل الشنيع كما أوصاهم علماؤهم ورؤساء دينهم.
أن القرآن وأحاديث النبي والأئمة توجب عليكم الجهاد وتوعدكم بالجنة ومحو الذنوب بالآخرة وأن الإنسان لا يبقى في هذه الدنيا حياً أبداً بل لا بد له من الموت كما قال تعالى (أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ ۗ)، وإذا كان الموت لا بد منه فخير للإنسان أن يموت ميتة شريفة قاهراً عدوه مقاتلا له واثقاً بأن الجنة جزاؤه محافظاً على دينه وعرضه وماله وأطفاله وذلك خير له من أن يموت على فراشه مقهوراً مسلطاً عليه عدوه ذابحاً أطفاله هاتكاً عرضه غاصباً دينه وماله.
بلى إن العدو إذا تسلط والعياذ بالله لا يترك الرجال يموتون على فراشهم فتغسل أجسادهم، بل لا بد أن ينهب مالهم ويهتك أعراضهم وهؤلاء يخسرون الدنيا ويستحقون غضب الله في الآخرة وجزاهم النار لأنهم خالفوا القرآن والنبي والأئمة والعلماء حيث دعوهم إلى الجهاد فلم يجيبوهم ولم يعلموا أن الجهاد ضروري من ضروريات الدين لا يحتاج إلى تقلید کالصلوة (الصلاة) والصوم بل هو أوجب من الصلوة (الصلاة) وأن علاء الدين حفظهم الله إنها تكلموا به لينبهوا المسلمين على منويات الكافرين الذين حكم علماؤهم بوجوب قتل المسلمين وإبادتهم وهتك أعراضهم واضمحلال الدين فلا عذر بعد اليوم لكل من أراد الجنة والخلاص من النار إلا بالقيام إلى الجهاد بالنفس والمال ومن رغب عن الجنة وقدم عليها النار فليتق الله ونبيه والأئمة والعلماء إذ لا بد أن تذهب عزته ودنياه. وهذه فتاوى العلماء قد بلغوا ونصحوا وذهبوا بأنفسهم إلى الحرب فلم يبق لكل مؤمن حجة. هلموا إلى الجنة عباد الله وإلى الفرار من النار والخلاص من سخط الجبار.
وقد أفتى عدد من مراجع الدين الشيعة بوجوب الجهاد وهم كل من:
1- المرجع الديني في النجف الاشرف السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي: ونص فتواه على النحو الآتي: " بسم الله الرحمن الرحيم، لا يخفى أن الدول الأوربية لا سيما الانكليز والروس والفرنسيين لم يزالوا من قديم الأيام يتعدون على البلاد الإسلامية حتى اغتصبوا كثيراً منها وليس لهم قصد إلا محو دين الإسلام والعياذ بالله تعالى وقد اظهروا في هذه الأيام مقاصدهم ومنوياتهم فهاجموا ممالك الدولة العثمانية العلية اعز بنصرها الإسلام، وقد قرب هجوم الكفار على حرم الله وحرم رسوله ومشاهد الأئمة الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين وقد عم الخطر جميع أوطان المسلمين ونفوسهم وأموالهم وأعراضهم ولهذا يجب على العشائر القاطنين في الثغور وعموم المدن إذا لم يوجد في الحدود من به الكفاية حفظ حدودهم والدفاع عن بيضة الإسلام بكل ما يتمكنون والله هو الناصر والعين والمؤيد للمسلمين» .
2- المرجع الديني في مدينة سامراء (الميرزا محمد تقي الشيرازي). ونص فتواه كما يأتي: "الحكم الذي صدر من حضرات الأساتذة الفقهاء المجتهدين حجة الإسلام والمسلمين آية الله في العالمين الميرزا "محمد تقي الشيرازي" من الله على المسلمين بطول بقائه . أما نص الفتوى فهو كالآتي: "بسم الله الرحمن الرحيم وهو المستعان ولا حول ولا قوة إلا به. أيها المسلمون أن مهاجمات الأعداء المعادين قد قربت من حرام الله وحرم رسوله ومشاهد الائمة الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين وها هم يريدون أن يسفكوا بعداوتهم دماء المسلمين ويهتكوا دينهم وقد أشرف الخطر والعياذ بالله على بلاد المسلمين وشعائرهم ومشاعرهم ونفوسهم فيجب على جميع العشائر القاطنين في الثغور وعموم المسلمين حفظ حضورهم وحدودهم والدفاع عن حوزة الإسلام بكل ما يتمكنون منه والله هو الناصر والمعين فالله الله في ذلك يا معاشر المسلمين والسلام عليكم ورحمة الله وبرکاته".
المصدر/ موسوعة كربلاء الحضاري، المحور التاريخي، قسم التاريخ الحديث والمعاصر، الوثائق العثمانية، ج5، ص179-191.