كانت النهضة الفكرية لمحمد باقر المعروف بالوحيد البهبهانی(1205هـ/1791 م )، هي الفترة الذهبية لهذه الحوزة ويدخل ضمن الدور الثالث لحوزة كربلاء العلمية، اذ رسخ الاتجاه الأصولي للحركة العلمية الحوزوية، وجعل من مدينة كربلاء مركزاً متقدما في الدراسات الحوزوية.
لذا دعي عصره بـ(عصر التطور والازدهار والكمال العلمي) بما قدمته مدرسته من جهود متظافرة في المجالين الأصولي والفقهي، وقد اختفى وجود الإخبارية وإلى الأبد، من حوزة كربلاء، وسائر الحوزات العلمية الأخرى، وحصل على لقب مجدد الفقه الاثني عشري، لأن عصره أصبح فاصلا لعصر جديد من عصور مدرسة الاجتهاد فاخذ البهبهاني يطرح نموذج مدرسة عصرية لمعالم أهل البيت (عليهم السلام) وقد هاجر من قزوين إلى كربلاء، ليمسك بزعامة الحوزة، فضلا عن ترکه کتبا قيمة من أثاره وأفكاره، ما يقرب ستين كتابا، وقد خصص جملة منها في رد الشبهات عن المدرسة الأصولية وتحص شبهات الإخباريين، ونظرياتهم مثل رسالة (الاجتهاد والأخبار) ورسالة (حجية الإجماع) ورسالة (الفوائد الحائرية) ورسالة (الفوائد الجديدة) وغير ذلك من المؤلفات، وتمتاز كتبه موثوقة وغزيرة بالأفكار الفقهية والأصولية، وتعتبر جملة من أفكاره التي دونها والتي درسها لتلاميذه أساسا لعلم الأصول الحديث.
وقد اهتم بتربية الألاف من طلبة العلوم الدينية فأوصلهم إلى درجة الأساتذة والمجتهدين، فاتجهوا صوب الحوزات الأخرى في العراق وإيران، منهم: السيد بحر العلوم (1212هـ / 1797م) والشيخ جعفر كاشف الغطاء (ت: 1227 هـ / 1812م)، إلى النجف، والسيد محمد إبراهيم الكرباسي والسيد محمد باقر الأصفهاني، إلى حوزة أصفهان إلى كاشان، والميرزا مهدي الخراساني إلى مشهد، والشيخ أسد الله الكاظمي (ت: 1234 هـ / 1819م)، صاحب المقابس، إلى الكاظمين وغيرهم.
أتم طريقه الوحيد اثنان من تلامذته هما السيد مهدي الشهرستاني والسيدعلي الطباطبائی، صاحب الرياض، وبعد هؤلاء تابع المسيرة، السيد محمد المجاهد (ت: 1242 هـ / 1827 م)، ثم شريف العلماء الحائري، وتبعه السيد إبراهيم الموسوي القزويني (1262هـ/1846م) صاحب الضوابط والشيخ محمد صالح البرغاني الحائري (1271هـ/1855م)
المصدر موسوعة كربلاء الحضارية، المحور التاريخي، قسم التاريخ الحديث والمعاصر، ج4، ص 68-69.