أول الحكام المماليك الذين حكموا العراق كان "سليمان باشا ابوليلة" (1750-1762م) وهو صهر والي بغداد احمد باشا (1723-1747م) اذ كان متزوجاً من ابنته "عادلة خاتون"، الذي تمكن من توطيد حكم المماليك فيما بعد.
وفي عهد ابي ليلة وبالتحديد عام 1751م تولى السيد "مهدي الزعفراني" سدانة مرقد الامام الحسين (عليه السلام). أبرز الإشارات عن تاريخ كربلاء في العهد المملوکی جاءت الينا في عهد الوالي عمر باشا (1764-1775م) حيث اتهم من قبل الحكومة الايرانية بالتعرض للزوار الإيرانيين في النجف وكربلاء وبالتضييق عليهم، وجديرً بالذكر ان "عمر باشا" كان يضمر الحقد على الشيعة من خلال الدسائس التي حاكها ضد الوالي السابق "علي باشا" (1762-1764م) متهماً اياه بأنه ایراني وانه متعاون مع الحكومة الايرانية.
وتظهر لنا المصادر أن أعداد الزوار الإيرانيين كانت كبيرة، اذ اشار "لونکريك" إلى وجود جالية كبيرة، ففي مدينة البصرة وحدها هناك مائة أسرة مقيمة فيها. كما أن الزوار كان يتم ابتزازهم وتفرض ضرائب مالية كبيرة عليهم عند زيارتهم للعتبات المقدسة، في وقت كانت الدولة العثمانية تعاني من مشاكل عديدة إثر حربها مع روسيا والتي انتهت بعقد معاهدة کوجك كينارجي 1774م ذات النتائج السلبية على العثمانيين.
اتهم عمر باشا بأنه السبب الرئيس في تردي العلاقات مع إيران التي حاصرت البصرة عام 1775م بقيادة "صادق خان اخي کریم خان الزند" (1750-1779م) حاکم ایران وانتهى باحتلالهم البصرة(1775-1779م)، كل هذه الأسباب فضلا عن تردي الأوضاع في شمال العراق وتمرد البابانيين دفعت الباب العالي إلى إرسال "مصطفى باشا الأسبينانجي" عام 1775م الى بغداد الذي تمكن من عزل عمر باشا وقتله.
عانى العراق من ظاهرة عدم الاستقرار السياسي في عهد المماليك على خلاف ما كان في عهد "حسن باشا" (1704-1723م) وابنه "احمد باشا"، ولم تستقر البلاد الا بمجيء سليمان باشا الكبير (1775-1780م)، وتشير المصادر ان سليمان باشا اثناء توجهه الى بغداد لتسلم منصبه الجديد سار الى كربلاء المقدسة لزيارة الامام الحسين (عليه السلام) في اشارة واضحة لاهتمام الوالي الجديد بالعتبات المقدسة الشيعية لنيل ثقة الناس في تلك المناطق من اجل الاستمرار بحكمه وعدم اثارة اية نعرات طائفية محتملة.
وفي عام 1792م حدث تطور مهم في عمارة مرقد الإمام الحسين (عليه السلام) ففي هذه السنة امر "أغا محمد خان" (1785-1796م) اول حکام الدولة القاجارية واليه على مدينة کاشان الايرانية عبد الرزاق خان بتعمير وتذهیب القبة الحسينية المباركة. فتم بناؤها بالذهب الخالص.
بعد القضاء على تمرد سلیمان الشاوي عام 1794م سافر الوالي سليمان باشا الكبير إلى الفلوجة للتجول والصيد فيها، ومن هناك توجه لزيارة مدينة كربلاء از مکث فيها ایام عدة ثم قفل راجعة إلى بغداد. ويتضح لنا أن هدف الوالي سليمان الكبير من زيارة كربلاء المقدسة فضلاً عن التقرب الى الله وكسب ود الأهالي فأن الغاية منها هي مراقبة التحركات العشائرية التي كانت تقوم بها عشائر الخزاعل في المنطقة لاسيما أن مدينة كربلاء تتوسط المدن العراقية.
المصدر/ موسوعة كربلاء الحضارية، المحور التاريخي، قسم التاريخ الحديث والمعاصر، ج2، ص107-111.