عندما نشبت الحرب العالمية الثانية سنة 1939م رفض أبناء مدينة كربلاء المقدسة سياسة حكومة نوري السعيد والقاضية بتوريط القوات العراقية في الحرب لدعم حليفته بريطانيا، بدلا من أن يسعي السعيد لإيجاد حلول للمشاكل العالقة التي رافقت إندلاع الحرب وأبرزها الأزمة الاقتصادية التي عصفت بالعراق إبان الحرب العالمية الثانية.
في نيسان سنة 1941م حدثت حركة عسكرية في بغداد بقيادة "رشيد عالي الكيلاني"، أسفرت عن تشكيل حكومة الدفاع الوطني. وأعلنت ان سياستها تقوم على عدم زج العراق في أخطار الحرب، فأثار نبأ تشكيلها الحماسة الوطنية في كربلاء المقدسة، حيث تمثل ذلك، بتأييد ومساعدة رجال الدين في كربلاء والعمل على فتاوى تحث إلى الوقوف إلى جانب هذه الحكومة.
إذ أصدر السيد عبد الحسين الشيرازي فتواه التي توجب العمل من اجل مساندة الجيش العراقي الباسل، والحكومة الوطنية وعلى رأسها "رشید عالي الكيلاني". فإتسع نطاق الدعم لها، عقدت جمعية ندوة الشباب العربي يوم 4مایس 1941م، اجتماعا في صحن الإمام العباس ال حضره العديد من الشخصيات الكربلائية للتباحث في الاوضاع الراهنة في العراق، وبدأ الاجتماع معتمد الجمعية السيد "محمد مهدي الوهاب آل طعمة" بإلقاء خطاب استنهض به همم أبناء المدينة لمساندة الحركة بكل الأشكال، وفي نهاية الاجتماع نظم المجتمعون برقية بعثوا بها إلى الحكومة الجديدة أعلنوا بها تأييدهم وولائهم ومساندتهم، وإنهم على استعداد للدفاع والتطوع في سبيل الوطن وكرامته بعدها خرج أبناء المدينة من الاجتماع في مظاهرة مساندة في شوارع المدينة معلنين فيها ولائهم للحكومة، وهكذا تكررت اجتماعات أبناء المدينة التي تحض على تأييد الانتفاضة لان فيها ما يحقق مصالح العراق، كما عقدت اجتماعات أخرى يومي 9 و 12 نیسان من العام ذاته في صحن الإمام الحسين (عليه السلام) تخللته مساهمات وفعاليات أظهرت الجانب الوطني للمدينة.
كان للدور القيادي للمراجع أثر واضح ومهم في تأجيج حماسة أبناء كربلاء المقدسة إذ كانت تلقى في أثناء الاجتماعات خطب وفتاوى المراجع العظام أمثال السيد "عبد الحسين الشيرازي" والسيد "حسين القمي الطباطبائي"، فتوجهت الناس لجمع التبرعات والإعانات التي شملت مبالغ نقدية ومصوغات ذهبية، كما شكلوا لجنة للدفاع المواجهة الحالات الاستثنائية التي قد تتعرض لها المدينة.
وبعد فشل الحركة وقع على مدينة كربلاء المقدسة نصيب من الإجراءات التعسفية ضد الوطنيين الذين ساندوها فكثيرا ما كانت الحكومة تزج فيهم بالمعتقلات والسجون من دون إجراء تحقيق معهم، كمعتقل (نقرة السليان) إذ أودع الكثير منهم هناك لمدة شهر ثم نقلوا بعدها إلى معتقل العمارة: السيد إبراهيم شمس الدين القزويني، والسيد محمد صالح بحر العلوم والشيخ عبد المهدي القنبر وعبد الأمير محسن ورفيق إسماعيل وغيرهم.
بالمقابل كان لهذا الدور البطولي الأثر الكبير في دفع الحكومة إلى تغير سياستها تجاه الشعب وانتهاج سياسة جديدة قائمة على كسب رجال الدين والحصول على تأيدهم والتأثير عليهم في العدول عن الفتاوى التي أصدرتها لصالح حركة الكيلاني، إلا إن هذه الأساليب لم تلق نجاحا مع المرجعية.
المصدر/ موسوعة كربلاء الحضارية، المحور التاريخي، قسم التاريخ الحديث والمعاصر، ج 2، ص 454-459.
