نود مع بداية شهر الاحزان لعام 1442هـ ومن اجل ابراز الدور الريادي للنهضة الحسينية المباركة وبيان أسبابها، ارتأينا ان ننشر وعلى شكل حلقات ما دونه سماحة الشيخ المرحوم "محمد مهدي شمس الدين في كتابه" ثورة الحسين (ع)، ظروفها الاجتماعية واثارها الإنسانية.
وقبل البدأ، لا بد من القول ان المجتمع الذي خضع طويلاً لتأثير السياسية الاموية والتوجه الاموي لا يمكنه ان يُصلح بالكلام، فهو آخر شيء يُمكن ان يؤثر فيه...ان الكلمة لا يمكن ان تُؤثر شيئاً في النفس الميتة، والقلب الحائر، والضمير المخُدر كان لا بد لهذا المجتمع المتُخاذل من مثال يهزه هزاً عنيفاً، ويظل يواليه بإيحاءاته الملتهبة ليقتلع الثقافة العفنة التي خدرته، وقعدت به عن صُنع مصير وضاء.
وهذا الواقع الكالح وضع الامام الحُسين (عليه السلام) وجهاً لوجه امام دورة التاريخي ورسالته النضالية، هذا الدور الذي يفرض عليه ان يثور، وان يعبر بثورته عن شعور الملايين، وأن يهتز بثورته هذه الملايين نفسها، ويضرب لها المثل والقدوة في حرب الظالمين.
وقد كان كل ذلك، وكانت ثورة الامام الحسين (عليه السلام) "إني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً، وانما خرجتُ لطلب الاصلاح في أُمة جدي"...
الحلقة الأولى (لماذا لم يثْر الحسين (عليه السلام) في عهد معاوية)
كانت مبررات الثورة على الحكم الاموي متوفرة في عهد مُعاوية، وقد كان الامام الحُسين يعرفها، وقد عبر عنها في عدة كُتب وجهها الى مُعاوية جواباً عن كُتبه اليه منها قوله في كتاب:
"وهيهات هيهات يا معاوية، فضح الصبحُ فحمةَ الدُّجى، وبهرت الشمسُ أنوار السُرج، ولقد فضّلتَ حتّى أفرطتَ، واستأثرت حتّى أجحفتَ، ومنعتَ حتّى بخلتَ، وجُرتَ حتّى جاوزتَ، ما بذلتَ لذي حقّ من أتمّ حقّه بنصيب، حتّى أخذ الشيطان حظّه الأوفر، ونصيبه الأكمل...".
ما اردت لك حرباً ولا عليك خلافاً، واني لأخشى الله في ترك ذلك منك، ومن الاعذار فيه اليك، والى اوليائك القاسطين الملحدين، حزب الظلمة، وأولياء الشياطين ألستَ القاتل حجر بن عدي أخا كندة واصحابه المصلين العابدين... الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ولا يخافون في الله لومة لائم؟ ثم قتلتهم ظلماً وعدواناً من بعد ما اعطيتهم الايمان المغلظة.
أولست قاتل ابن الحُمق صاحب رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) العبد الصالح فقتلته بعد ما أمنته؟؟
في الحلقة الثانية سوف نبين ردود الامام الحسين (عليه السلام) على معاوية بخصوص شرعية نسب زياد بن ابية.