اثبت حسن باشا الذي تولى ولاية بغداد عام 1704م، بأنه من أكفأ الشخصيات التي تولت إدارتها منذ الفتح العثماني الثاني 1638م حتى بداية القرن الثامن عشر، للصفات الإدارية والحنكة السياسية التي يتمتع بها، والتي انعكست على التحسن الواضح في أوضاع الولاية، بل تعدت آثاره الايجابية إلى كل السناجق والمناطق التابعة لها، وامتد هذا التحسن إلى كل مرافق الدولة مما دفعه للقيام بإصلاحات عمرانية عديدة، وشن حملات عسكرية ضم خلالها ولاية البصرة والمناطق الشمالية لسلطة ولايته.
نجح حسن باشا وبجهود مضنية من وضع الأسس لإقامة حكم مركزي مستقر إثر تغلبه على الحركات العشائرية، وقضائه على فوضى الإنكشارية، وتأمين طرق التجارة وتوطين القبائل والعمل على استقرارها واظهر والي بغداد اهتماما خاصا بالعتبات المقدسة، لاسيما في مدينة كربلاء، إذ زار حسن باشا المدينة عام 1705م مفتتحاً عهده في ولاية بغداد بهذه الرحلة التي أراد من خلالها أن تكون نقطة انطلاقة لاستعادة بقية المدن التي كانت خارج سيطرته
يصف لنا عبد الرحمن بن عبد الله السويدي (172-1805م)، زيارة حسن باشا إلى مدينة كربلاء بعد أن أكمل الأخير زيارة الصحابي سلمان الفارسي رضي الله عنه ما نصه: (وفي شهر شوال من هذه السنة 1115 هجرية، رفع اللواء بالمسيرة إلى كربلاء الزيارة سيد الشهداء، و إمام الصلحاء، سيد شباب أهل الجنة، وقرة عين أهل السنة أبي عبد الله الحسين رضي الله عنه، والى زيارة الليث الجسور، والشجاع الغيور قاطع الأنفاس من كل ضال كالخناس، أبي الفضل العباس ، فدخل كربلاء وزار أصحاب العبا، وأطلقت المباخر وظهرت المفاخر، فأجزل على خدامها، وأجمل في فقرائها، ودعا بحصول المراد وزوال الأنكاد ودعا له بما پروم، وانجح سعيه بالقدوم، وبقي يوماً واحداً لضيق القصبة بأحزابه و اعوانه و أصحابة)، فضلاً عن ذلك أمر الوالي بتنظيف قناة الحسينية وترمیم خان الحماد الواقع بين طريق كربلاء والنجف والذي يبعد ۲۰ کم عن مركز كربلاء، وكان الثالث الذي شيد بين المدينتين.
المصدر/ موسوعة كربلاء الحضارية، المحور التاريخي، قسم التاريخ الحديث والمعاصر، ج2، ص89-91.