شعرت الحكومة منذ بضع سنوات بوجود خلل في الدعائم التي ترتكز عليها الروضة الحسينية، وأنها بحاجة إلى ترميم أساسي لظهور بعض الشقوق في جوانبها، فاهتمت للأمر وأوفدت لجان فنية عديدة للكشف عن هذا الخلل، وتضاربت آراؤها مما أدى بالحكومة إلى الاستعانة ببعض المهندسين المصريين الخبراء بشؤون الآثار، فأوفدت الحكومة المصرية - بأمر من جلالة الملك فاروق - ثلاثة خبراء من خيرة مهندسيها إلى العراق في عام (1365هـ) وأتموا الكشف على الروضة، والقبة، وجميع مرافقها، ورفعوا تقريراً، تضمن فيه آراءهم الفنية في كيفية إنجازتلك التعميرات.
وقد كانت آراؤهم هذه متفقة مع آراء المهندسين العراقيين الذين قاموا قبلا بالكشف، وقد كان الأساس في هذه الآراء عدم التعرض للدعائم بل الاكتفاء بترميم شقوقها الظاهرية فقط خوفا من انهدام قبة الروضة، وعلى هذا الأساس خصصت وزارة المواصلات والأشغال مبلغا ما يتراوح بين خمسة عشر ألف دينار وعشرين ألف دينار لترميم الروضة، وصب دعائم القبة بالكونكريت المسلح.
ويرجع ذلك إلى الهمة التي بذلها الحاج عبد الهادي الجلبي وزير المواصلات والأشغال آنذاك، وقد أخذ (الأسطة) حمودي الحاج رضا أحد المعمارين في بغداد على عاتقه أمر إصلاح الترميمات، وهدم الدعائم القديمة، وصب بمحلها دعائم جديدة من الكونكريت المسلح، وأنجز العمل بصورة دعت إلى الإعجاب والتقدير، ولم يطرأ ما يدعو إلى الخشية من سقوط الروضة کما ذهب إلى ذلك جميع المهندسين الذين كشفوا عليها.
وقد أنيط أمر الإشراف على هذه التعميرات إلى لجنة يرأسها طاهر القيسي، متصرف لواء کربلاء شخصياً، ويساعده فيها كل من خازن الروضة السيد محمد الصالح، والسيد محمد سعيد آل طعمه، والشيخ محمد علي کمونه، واقتصرت جهود دائرة الأشغال على تهيئة التجهيزات، والمواد، والعمال فقط.
المصدر/ مدينة الحسين (عليه السلام)، محمد حسن مصطفى الكليدار، ج1، ص66-67