اصدرت مديرية التربية والتعليم في كربلاء ولأول مرة مجلة ادبية بعنوان (الحرف) والتي أسهم فيها عدد كبير من الأدباء والشعراء فضلا عن اسرة التربية والتعليم مما زاد من انتاجهم ورفع من قدراتهم وامكانياتهم، وكان لإصدار مجلة "الحرف" تأثير واضح على مستوى المدرسين والمعلمين الذين اخذوا يتبارون في النشر فيها والافصاح عن امكانياتهم البحثية والشعرية والفنية، اذ نشرت فيها بحوث عدة وقصائد شعرية ومواضيع تربوية.
صدرت مجلة (الحرف) بعددها الأول في عام 1969م بهيئة تحرير مكونة من خمسة اشخاص " أحمد الفخري، وعبد الجبار عبد الحسين الخضر، أسعد توفيق، محسن الأشيقر وموسى الكرباسي"، وجاء في المقالة الافتتاحية الاولى للكاتب "عبد الجبار عبد الحسين" (ولكنه الزمن. وسيره على كل حال ۰۰۰ هو الذي أصر على ما يريد وارادته لا تقهر... وارادته أن تصدر الحرف منبرا حرا لجميع المواهب والأقلام... لكل المؤمنين بحقهم وحق أمتهم لكل المدافعين بصمود وشرف عن مستقبل اوطانهم واجيالهم) وفي هذا المقال اشارة للكاتب الذي يعمل مفتشا عاما في تربية كربلاء إلى أن هناك من يرفض اصدار المجلة ويحاربها مما يدل أن محاربة الفكر والعلم كانت متواجدة في العقلية السياسية للفئة السلطوية منذ بداياتها بعد عام1968م.
وقد صدق الحدس عند كاتب المقال الافتتاحي فقد توقفت المجلة قرابة السنتين التعود في نهايات عام ۱۹۷۰م بإضافة اثنين من العاملين في تربية كربلاء وهم (عبد عاصم ابو ناصرية مدير التربية والتعليم في كربلاء، ورضا محسن الشامي المفتش العام في التربية)، وقد صدرت بحلة جديدة وامكانيات اوسع في السنة الثانية وعددها الثاني، اذ اشار الكاتب عبد الجبار عبد الحسين في افتتاحيتها "تعود الحرف بعد احتجاب لتعاود المسيرة التي ابتدأتها قبل سنتين ۰۰۰ متعهدة بدفع الحركة الأدبية والتربوية الى امام... أن كون الحرف مجلة تعنى بشؤون التربية والفكر لم يكن ذلك من قبيل الصدف، ولكنه تحصيل حاصل لطبيعة كونها تصدر عن هذه المؤسسة التربوية التي من أولى واجباتها خلق جيل واع ليسهم في المستقبل في عملية بناء هذا المجتمع وهذا الوطن".
ولكن المجلة اختلفت في مضمونها وأهدافها الفكرية والتربوية بعد عددين اذ تغيرت الكثير من كوادرها والكتاب فيها وأصبح للسياسة دور كبير فيها، اذ نلاحظ في العدد الرابع للسنة الرابعة نجد في بداية المجلة صورة للرئیس احمد حسن البکر وتحتها تعليق قصير مبتديء بعنوان (من أهداف الثورة الاجتماعية) ومذيلة باسم ميثاق العمل الوطني) ، وفي العدد الخامس للسنة الخامسة نجد ان كلمة العدد كلمة سياسية بامتياز غير متضمنة معاني تربوية او فکرية وتتبعها في الصفحة اللاحقة خطاب الرئيس الجمهورية بمناسبة النصر في يوم التاميم، ثم تنتقل إلى كلمات تهنئة لمجموعة من السياسيين بدءا بوزير التربية والتعليم الدكتور احمد عبد الستار الجواري ثم كلمة لمحافظ کربلاء عبد الرزاق الحبوبي بمناسبة يوم المعلم ثم كلمة مدير التربية، مما يدل بشکل واضح أن التغلغل السياسي داخل المنظومة التربوية بطريقة غير اخلاقية أفرغت المضمون من محتواه الأساس الذي انشيء من اجله لاسيما وان اهداف المجلة الأساسية هي ابراز قدرات ومواهب وامكانات المدرسين والمعلمين والرقي في مستوياتهم وافكارهم والتقدم والتطور على المستوى الفردي والمهني الامر الذي لم يتحقق وانتهى هذا المشروع بسبب التدخل الحكومي ومحاولة مصادرة جهود المبدعين.
المصدر/ موسوعة كربلاء الحضارية، المحور الاجتماعي، قسم التاريخ الحديث والمعاصر، ج5، ص226-230.