من الحرف والصناعات اليدوية التي اشتهرت فيها مدينة كربلاء المقدسة على مدار تاريخها المبارك هي صناعة الغزل والنسيج والحياكة والسجاد والبسط بمختلف أنواعها وأشكالها والمواد الأولية المستخدمة في صناعتها.
وكان إنتاج هذه الصناعات يتم من خلال غزل المواد الأولية كالصوف والقطن والحرير المتوفرة محلياً لحياكة الاقمشة والألبسة كالعبي والجوارب والعقال الذي يعدّ من أغطية الرأس الرجالية الشائعة في اغلب مناطق العراق، فيما تشير المصادر التأريخية المحلية الى أن بدايات ظهور حرفة الغزل في كربلاء تعود الى أواخر القرن الثامن عشر الميلادي، حيث اشتهرت العديد من الأُسر التي امتهنت هذه الصناعة منها "آل جريدي" المنحدرة من عشيرة "النصاروة" والقاطنة في محلة باب السلالمة، في حين اشتهرت أسر أخرى ببيع منتوجاتها مثل "آل دهيمة عبد الرسول محمد الاسدي" والسيد "عبد عون الحسيني" و"جواد الحاج جدوع الخزرجي" وآخرين.
ومما أشارت اليه المصادر أيضاً أن هذه الاسر قد توارثت هذه الصناعة منذ سلالات بعيدة، فيما كان لهم سوق خاص بحرفييها يسمى "سوق الحيّاك" الواقع في عقد "الجاجين" داخل محلة باب السلالمة، إلا أن هذ السوق قد اندثر في فترات لاحقة بسبب تطور صناعة الحياكة في مطلع القرن العشرين.
وتعدّ كربلاء من أهم المدن العراقية في مجال صناعة البُسط المصنوعة من الخيوط الصوفية والتي تعددت أنواعها وأشكالها فمنها الجمهوري "أبو الصواني"، والأخرى المسماة بـ "أبو العجين"، و"ركم" و"هجع"، حيث جاءت هذه التسميات طبقاً للألوان التي يحويها كل بساط والزخرفة التي يطرّزها الحائك عليه بمهارته الخاصة ذوقه الفطري، كما وتتصف هذه الصناعة ببساطة اشكالها الهندسية ووضوح عنصر اللون فيها.
يذكر أن مدينة كربلاء المقدسة تكاد تنفرد على مستوى العراق بحرفة "الفتالة"، أو ما تسمى أحياناً بـ "البرامة"، والتي اتبعت خلال العهد العثماني الأخير (1869-1917م) الأساليب الفنية القديمة والأدوات المصنوعة محلياً، وبقيت محافظة على هذه الأساليب حتى بعد نهاية الاحتلال العثماني للعراق.
المصدر موسوعة كربلاء الحضارية، المحور التاريخي- قسم التاريخ الحديث والمعاصر، ج3، ص331-334