في سجل الخالدين من علماء الإمامية، يبرز اسم السيد حسين بن محمد إبراهيم الحسيني القزويني (1126 – 1208هـ) كأحد أفذاذ الفقهاء، الذين جمعوا بين أصالة النسب، وعمق الفكر، وسعة التأليف، ليشكّلوا حلقة ذهبية في سلسلة النهضة العلمية الشيعية في القرن الثاني عشر الهجري.
ولد السيد القزويني نحو سنة 1126هـ – وهناك رواية تقول 1140هـ – في مدينة قزوين، في بيت علم وورع، ونهل من والده وأخيه السيد محمد مهدي، كما تتلمذ على يد كبار العلماء في عصره، ومنهم السيد نصر الله الحائري، والشيخ حسين الماحوزي، والمولى محمد علي الجزيئي، حتى بلغ درجة الاجتهاد المطلق، ودرّس علمه لعدد من الأعلام، أبرزهم السيد محمد مهدي بحر العلوم، أحد أعاظم العلماء في تاريخ الطائفة.
وصفه تلميذه الشيخ "عبد النبي القزويني" في كتابه "تتميم أمل الآمل" بأوصاف قلّ نظيرها، قائلاً "هو البحر الخضم والطود الأشم، العالم المفخّم، أفقه الفقهاء وأكرم العلماء، الخائض في غمار الأفكار، الغائص في رامي الأنظار..."، حيث لم تكن هذه الكلمات مجاملة أدبية على الإطلاق، بل تعكس مكانة علمية استثنائية لفقيه أثّر في جيل كامل من الفقهاء.
هذا وقد ترك السيد القزويني بوصفه مؤلفاً موسوعياً لا يشق له بنان، مجموعةً ضخمة من المؤلفات في الفقه والأصول والرجال والحديث والعقائد، بينها "معارج الأحكام في شرح مسالك الأفهام وشرائع الإسلام"، و"نظم البرهان"، و"براهين السداد في شرح الإرشاد"، فضلاً عن "الدر الثمين في الرسائل الأربعين"، و"اللآلي الثمينة"، و"مواهب الوداد"، و"مختصر جامع الرواة"، وغيرها من المصنفات التي لا تزال موضع بحث واهتمام في الحوزات العلمية والمراكز البحثية.
توفي السيد القزويني سنة 1208هـ في مدينته قزوين، ودُفن فيها، حيث ما يزال قبره مزاراً معروفاً ومحل تبرك، يُقصده المحبون والعلماء، وقد خُلدت ترجمته في عشرات الكتب مثل "الكرام البررة"، و"أعيان الشيعة"، و"روضات الجنات"، و"تكملة أمل الآمل"، وغيرها.
المصدر: كامل سلمان الجبوري، وثائق الحوزة العلمية في كربلاء منذ نشوئها حتى عام 1444هـ / 2023م، مركز كربلاء للدراسات والبحوث، ج1، ص157.