وسط سكون الأزقة القديمة في محلة "آل زحيك" بكربلاء، تختبئ أسماء لامعة نقشها التاريخ على جدران الوقفيات القديمة، وواحدة من هذه الأسماء تعود لأسرة علوية نبيلة تُدعى "آل إدريس"، التي تنحدر من شجرة الإمامة الطاهرة، وتحديداً من نسل الإمام موسى بن جعفر الكاظم "عليه السلام".
استوطنت أسرة آل إدريس أرض كربلاء في القرن الثاني عشر الهجري، حيث ظهرت في وثائق رسمية تؤكد وجود شخصيات بارزة من رجالها، من بينهم السيد "يحيى آل إدريس الموسوي"، والسيد "قاسم آل إدريس الموسوي"، حيث وثّق التاريخ اسميهما ضمن وثيقة وقفية نادرة مؤرخة في غرّة محرم الحرام سنة 1222هـ، تتعلق بدارٍ تعود للمغفور له السيد "مصطفى السيد أحمد آل طعمة".
اللافت في هذه الوقفية ليس فقط تاريخها أو قيمتها العقارية، بل الأختام الممهورة بأسمي آل إدريس، والتي تعكس الدور القانوني والشرعي الذي كانت تضطلع به هذه الأسرة في شؤون المجتمع الكربلائي آنذاك، وهو ما يدلّ على مكانتها وثقة الناس بها.
ورغم حضورها الواضح في وثائق أرشيفية معتبرة، لم تهتدِ البحوث المعاصرة إلى نسب الأسرة مفصّلاً، ولا إلى أحفادها أو امتداداتها في كربلاء اليوم، الأمر الذي يجعل من هذه العائلة لغزاً تاريخياً مفتوحاً على التأمل والاستقصاء، ويدعو المهتمين بالأنساب والتاريخ الكربلائي إلى تتبّع آثارها.
وفي ظل ما يشهده مركز كربلاء للدراسات والبحوث من اهتمام بتوثيق إرث العوائل العلمية والعلوية، يبرز اسم "آل إدريس" كمفتاح لموضوع يستحق الإحياء، لا سيما أن بقاء الأختام والوثائق دون امتداد حي يُعد خسارة لذاكرة مدينة لطالما عرفت برجالاتها الأفذاذ.
المصدر: سلمان هادي طعمة، عشائر كربلاء وأسرها، دار المحجة البيضاء، 1998، ص10.