كُتب على كربلاء أن تكون شاخصة لكتب التاريخ ومسيلة لحبرهم وملفتة لعيونهم كما ألفتت عيون المحبين المؤمنين وملكت قلوب الاحرار في جميع أنحاء العالم وكذلك كتب على هذه المدينة المقدسة أن تكون مسرحاً لإراقة الدماء مرة أخرى بعد أن أريقت دماء سبط النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) وآل بيته وأصحابه وسبيت عياله .
وقعت حادثة أخرى في كربلاء هي حادثة مولى علي المشعشعي والذي كان من الذين يعتنقون مبدأ المغالاة بالإمام علي (عليه السلام ) ويعتقدون بألوهيته . تولى الحكم في حياة أبيه محمد بن فلاح، وقاد الجيوش بنفسه واحتل كثيراً من الأراضي الواقعة في خوزستان حتى جاء الى أواسط العراق وتمكن منها واشترك في حرب البصرة، ثم توجه لمحاربة جيش بغداد الذي جاء لمقاتلته بقيادة ( دوه بيك ) ودحرهم ثم توجه إلى الحلة ونهب أموالها وأحرقها وهدم دورها وبقي فيها ثمانية عشر يوماً.
ومن ثم توجه إلى النجف الاشرف فدخلها وسلب أموالها ودخل بفرسه إلى داخل الحرم الشريف وكسر الصندوق الموضوع على قبر الإمام علي (عليه السلام) وقتل الموجودين في ذلك المكان، ويذكر ضامن بن شدقم المدني في كتابه ( تحفة الأزهار وزلال الأنهار ) أنه احرق الحجر الدائر على قبة الإمام علي (عليه السلام) وكان يقول : "إن الإمام علي هو الرب الذي لا يموت".
وفي شهر صفر من سنة 858 هــ توجه إلى كربلاء ودخلها وقتل الكثير من سكانها وأسر بعضاً أخر ونهب أموالها ثم دخل الى الحرم المطهر بفرسه وأمر بكسر الصندوق الموضوع فوق القبر وسلب ما كان موجودا في الحرم المطهر وجعل الروضة الشريفة مطبخاً لطهي طعام جنوده ثم فر هارباً الى البصرة بعد ان سمع بقدوم جيش عرمرم لمقاتلته بقيادة ( بير بوداق ) وبقي هارباً الى أن قتل على يد أحد أعوان الأمير بوداق والذي استطاع أن يقتله بسهم ٍ عندما كان يستحم .
وهذه الحادثة يذكرها الأديب محمد طاهر السماوي بأبيات :
والحادث الثامن ما قد صنعا * علي أعني الفاتك المشعشعا
ابن فــــــــلاح إذ اتى بالمين * لمرقدي حيـــــدر والحسين
وقال إن القبر حي جلل * ونهب الأعيان في تلك العلل
ولم يبق لا هنا ولا هنــا * عينـاً ترى مجوهراً او معدنا
المصدر: سلمان هادي آل طعمة، تراث كربلاء، ص 387.