عُيّنَ مدحت باشا والياً على بغداد في 20 نيسان-أبريل 1869 حتى 27 أيار-مايو 1872م، واشتهر بإصلاحاته الإدارية والعمرانية الواسعة في مدن العراق، وكانت كربلاء المقدسة من بين هذه المدن.
لما علم مدحت باشا أن متصرف كربلاء إسماعيل باشا كان "سيّئ الإدارة مرتشياً" بحسب ما يُنقل له، وكذلك بعض الموظفين ممن على شاكلته، ذهب بنفسه إلى كربلاء، وأجرى التحقيق، فثبت له ما كان قد عُزي إلى المتصرف، فعزله في الحال، وأمر بأخذه للمحاكمة ونصّب مكانه حافظ أفندي قائمّقام كوستنديل سابقاً.
وفي أثناء زيارته إلى كربلاء، رأى أن هذه البلدة صغيرة وضيقة نظراً للزحام الموجود فيها. فأمر بلزوم تشكيل محلة جديدة فيها وتنظيم خارطة بذلك وترتيبها بالوجه المطلوب على أن تباع العرصات إلى الأهالي لكل من أراد أن يبني داراً أو دكاناً أو أيّ بناء، وأن تصرف المبالغ المستحصلة في سبيل تنظيم طرقها، وهذه المحلة كانت معروفة قديماً بالمحلة الجديدة وتعرف اليوم بـ (العباسية).
التفت الوالي إلى هذه المهمة، ولم يؤخر العمل بها .. وكان قد أقام في كربلاء خمسة أيام أو ستة، ثم أكمل مساره من كربلاء إلى قضاء الهندية والحلة، فقام ببعض المهام، وعاد إلى بغداد.. ولا شك أنه أوعز بما أراد من إكمال النواقص.
تمكنت خطة الوالي مدحت باشا بحق أن تنقل مورفولوجية مدينة كربلاء من مرحلتها العمرانية الأولى التي قامت حول القبر الشريف بطريقة عشوائية وبكثافة سكانية عالية، إلى مرحلة جديدة من التطور العمراني المخطط ذي الشوارع العريضة والمرافق الخدمية الجديدة.
المصادر: