(المجبّرچي) مهنة شعبية مورست في كربلاء بداية القرن العشرين، حيث انتقلت إليها من العاصمة بغداد بعد أن اشتهرت فيها بشكل واسع، وخاصة في قرية من قراها تسمى الحويش. حتى تسمّى بعضهم بالحويشاوي محاولة منهم لكسب الزبائن الذين ما أن يعجزوا عن العلاج داخل ردهات الكسور والعظام في مستشفى المدينة، حتى يصوّبوا نظرهم إلى المجبرجي فهو الأعرف بشفائهم على حد تصوراتهم.
ومهنة المجبرجي من المهن القديمة، والتي لا تعتمد على رأس مال لتمشية الأمور، وجل ما تحتاجه هو خبرة وخلطة متكوّنة من الماش وفطيرة الخبز أي العجينة السميكة من الخبز. ويتم خلطها مع البيض ويضعوها على مكان الإصابة بمساندة ألواح خشبية، بعدها يتم سحب المنطقة المصابة بمصاحبة صراخ المريض من شدة الألم. وبعد الانتهاء من عملية التجبير يحصل المجبرجي على مبالغ رمزية نتيجة عمله هذا إضافة إلى ثقة الناس بقدرته وإمكانيته.
وقد اشتهر في هذه المهنة بكربلاء عدد كبير من (المجبرجية) توزعوا في مناطق متعددة طيلة الفترة الممتدة من سنة ۱۹۰۰م وحتى السبعينات من القرن العشرين، وكان أشهرهم الحاج عبد الحسن النداف، والذي شاعت شهرته على مساحة الوطن کمجبرجي، رغم أنه كان يمتهن مهنة الندافة وهي مهنته الرئيسة.
كان الحاج عبد الحسين النداف يمارس مهنته باستخدام بالية خروف ومسحوق الكركم ومسحوق المومياء بعد خلطها، ويضعها فوق مكان الكسر بعدما يضع قطع من اللوح الخشبي ويربطها بـ (لفاف). وكان الشيء الجميل في عمله هذا أنه كان يعالج مرضاه مجاناً لوجه الله تعالى، ثم اشتهر من بعده الحاج محمد المجبرجي والذي كان يعيش في نفس التاريخ الذي عاش فيه الحاج عبد الحسن النداف.
واختفت مهنة المجبرچي من مدينة كربلاء، فلم نعد نسمع أو نرى أحداً يمارسها وذلك بسبب التطورات الطبية والتقنية التي حصلت في المستشفيات، وزيادة وعي أهالي المدينة في التعامل الصحيح مع هكذا حالات صحية.
المصدر: مرتضى علي الأوسي، تاريخ الطب في كربلاء، ص39.