زار لوفتس كربلاء سنة 1270هـ - 1853م، وأشار إلى وجود مصلى صغير خارج أبواب كربلاء، يقال إنّه كان قد أنشىء في المكان الذي شاهد فيه الإمام علي رؤيا معروفة في خيمته، لذلك يطلق على هذا المصلى (خيمة علي). وهو بناء اثنا عشري الأضلاع؛ له ستة مداخل، ومحاط بشرفة لها سقف يستند على أعمدة. وحينما همّ لوفتس ومن معه بالدخول إليه، طُلب منهم أن يخلعوا أحذيتهم قبل الدخول ففعلوا؛ لكن الضابط التركي الذي كان يصحبهم لم يلتفت إلى ذلك الطلب فدخل إلى المصلى بحذائه. وحينما اعترض عليه أحد الخدم الموجودين فيه أجابه بقول: إن حذائي لا يقل نظافة عن مصلاكم القذر! ، والظاهر أنّ هذا الحاكم العثماني هو حاكم الحلة (طاهر بك) الذي كان يرافق لوفتس في زيارته، ولا نستغرب صدور هكذا فعل من هؤلاء الأوباش الذين جبلوا على النصب والبغض لعلي وآل علي.
وهذه السياسة الطائفية المقيتة كانت منهجاً تتبعته الدولة العثمانية ضد اتباع أهل البيت عليه السلام بشكل رسمي علني.
وأرى أن تشخيص الرحالة المذكورين آنفاً لموضع المخيّم الحسيني يتطابق تماماً والموقع الحالي.
زار الرحالة عبد العلي خان أديب الملك كربلاء في سنة 1273هـ - 1856م وعن زيارته قال: يقع المخيّم خارج باب القبلة من الصحن المطهر في أرض منخفضة، ويبعد عن الصحن المطهر بأكثر من ألف قدم، وقد وضعوا فوقه غطاء من القماش (جادر) عظيم، ومن الجانبين تمثالين من الجص والطابوق، وأشادوا من كل جوانبه إيواناً، وفي الجانب الأيمن من الصحن هناك غرفة مشهورة باسم حجلة القاسم.
ويقع تحت المخيّم بئر معروف ببئر العباس عليه السلام ، والناس يأخذون الماء من هذه البئر فيغسلون به وجوههم ويشربون منه تبركاً وتيمناً، ويلعنون قاتلي سيد الشهداء عليه التحية والثناء، ويقع مرقد الشيخ محمد (أحمد) بن فهد الحلي، في حديقةالمخيم.
زار السيد علي بن حسين الهندي من أهالي بومباي كربلاء في يوم الخميس الخامس والعشرين من شهر جمادى الأولى سنة (1289- 1290هـ - 1872- 1873م) ومن مشاهداته التي نقلها إلينا من خلال رحلته هي زيارة المخيّم الحسيني فقال: (وفي أحد الأيام ذهبت لمشاهدة المخيّم، والذي يبعد عن الروضة المباركة لسيد الشهداء بمسافة قليلة، فقرت عيناي بذلك المنظر، ونلت أجر الزيارة وثوابها، حيث مقامات خيمة حضرة أبي الفضل العباس عليه السلام وحرم ذوي الاحترام، وموضع صلاة فلذة كبد الرسول، والحجرة التي قد رقد فيها العليل حضرة سيد الساجدين عليه السلام ، وحجرة القاسم التي شيّدت بطراز خاص، ونسبت إلى تلك المقامات الأصلية، وهناك صحن واسع تنتشر في أرجائه بعض النخيلات وغيرها من الأشجار، وأكثر الناس يقومون بعقد مجالس العزاء فيه، وفي ذلك الصحن بجهة القبلة يوجد حصيران من سعف النخيل فرشت لأجل صلاة الجماعة، وفي أغلب الأوقات؛ يأتي بعض العلماء لأداء صلاة المغرب والعشاء جماعة في ذلك المكان).
زار البخارائي المتوفى سنة (1311هـ/1893م) كربلاء في يوم الإثنين الثامن عشر من شهر صفر سنة 1303هـ، وتشرّف بأداء الزيارة لمرقد سيد الشهداء وأخيه المولى أبي الفضل العباس عليه السلام ، ومن ضمن ما نقله من مشاهدات، وما دوّنه عن زيارته: وهنالك طريق يقع إلى جانب المخيّم؛ وهو خارج الصحن، يصل بين المخيّم وتل الزينبية..... ومن داخل الصحن حتى موضع المخيّم المسافة (100) قدم تقريباً، وقد عملت تماثيل لمحامل حريم الإمام من الحجر والجص تشبه المحامل المذكورة، ورتبت في ذلك المكان، وعندما يرد الشخص داخل المخيّم [ يرى انهم قد] وضعوا غرفاً من الطابوق والجص بهيئة الخيام، وخيام أخرى تحيط بها. وتقع خيمة المولى وسط تلك الخيام، وهي مرتبة حسب الترتيب الأصلي للخيام، وجميع الخيم متصلة بعضها ببعض عبر أبواب تصل إلى خيمة الإمام. وفي إحدى النواحي؛ يقع موضع رقود الإمام زين العابدين، بنيانه على هيئة خيمة، وقد قاموا بترتيب تلك المحامل والخيام بحيث أنّ قلب الرائي يذوب من جراء النظر إليها.
زار الكازروني من أهالي شيراز كربلاء؛ وكانت زيارته يوم الخميس الخامس من شهر شعبان سنة 1315هـ 1897م، وعن مشاهداته للمخيم الحسيني قال: (يوم السبت السابع من الشهر قمنا بزيارة مخيم الإمام ذي الجاه، ولمخيم الإمام باب كبير، وفي إحدى الأروقة تقع خيمة حضرة أبي الفضل، ومنها ذهبنا إلى موضع إقامة حضرة الإمام الحسين عليه السلام ، وقد قاموا ببناء مجسمات على هيئة هوادج عند يمينه وشماله؛ أما في خيمة أبي عبد الله فقد قاموا ببناء محراب يقال: إنّه محل عبادة حضرة أبي عبد الله عليه السلام ، وخلف المحراب وهو ظهر الخيمة أيضاً، وقيل: إنّه موضع دفن علي الأصغر، وعلى جهة اليسار؛ هنالك غرفة صغيرة هي محل العناية والتمريض ومنزل الإمام زين العابدين عليه السلام ، وعلى جهة اليمين تقع خيمة حضرة علي الأكبر، وعلى جهة اليسار نرى خيمة حضرة القاسم، وقد علّقت فيها الستائر، وقاموا بتزيين موضع الزفاف، وفي الوقت الحاضر نرى أنّ هذه الغرفة والمحراب قد زينتا بالكاشي الملون).
ألماني زار العراق في شباط 1902م ضمن بعثة التنقيب الألمانية وقال ضمن وصفه مشاهداته في كربلاء المخيم الحسيني: على الطريق من المدينة باتجاه الغرب يقع مكان ما يتعارف عليه ((بمخيم الحسين عليه السلام))، نجده اليوم على شكل بناءِ يحاكي أو يقلد في تصميمه مظهر خيمة عربية . وبمحاذاة مسار الدخول توجد على الجانبين مجسمات أثرية ضخمة لأسرجة الجمال، مبنية بالحجارة والجبيرة.
زار اليزدي كربلاء، وكانت زيارته بتاريخ ليلة النصف من شعبان 1340هـ 1921م، وخلال مكثه في كربلاء؛ زار المخيّم الحسيني وحدّث بالقول: (يوم الإثنين التاسع عشر من شعبان ذهبنا إلى موضع المخيّم، وقد قاموا ببناء أقواس صغيرة تمثل الخيام، وهي مرتبة بشكل متسلسل يمثل ممراً يؤدي إلى الداخل، وإن كانت معمولة باليد إلاّ أنّها تذكر بالماضي وهو شيء حسن، وفي إحدى الزوايا صنعوا محلاً لإقامة العرس، وفي كل يوم كنت أذهب للتشرف بالزيارة).
وفي مكان آخر من حديثه عن مشاهداته للمخيم الحسيني بعد أن غادر كربلاء وعاد إليها مجدداً؛ شرح لنا بالتفصيل الوصف الكامل للمخيم قائلاً: (في يوم السبت أحد ليالي القدر في شهر رمضان المبارك من عام 1340هـ ذهبت إلى المخيّم الحسيني، وشاهدت كأنّ كل مواضع الخيام قد شيّدت حديثاً، وقد قاموا ببناء عمارة جديدة، وقد بنوا قبة ومحراباً في الوسط. وقيل: لعله محل دفن حضرة علي الأصغر يقع خلف المحراب، وهناك قبّة شيدوها فوق السرداب، ولها إثنا عشر ضلعاً؛ وكل ضلع من أضلاعها يفتح على خيمة مجاورة لها اثنتا عشرة صفّة (أي إيوان) شيدوها، وكلها متجهة نحو القبلة، وغرفة صغيرة موجودة في ذلك المكان، ويقال إن الإمام السجاد عليه السلام كان فيها أغلب الأوقات، وغرب القبلة توجد غرفة تمثل غرفة الزفاف للقاسم).
زارت كربلاء ودونت مشاهداتها ومن ضمن ما كتبته في إشارة واضحة الى مقام المخيم الحسيني، وعلى مقربة من موقع كربلاء اليوم: حاصر هراطقة الخليفة وجنده (الحسين بن علي) ومنعوا عنه الماء ثم أجهزوا عليه إنها افجع مأسي تاريخ الإسلامي طراً.
ولكل ما تقدم الملاحظ أن وصف الرحالة يوافق الوصف الحالي مما يدلل على ان المكان نفسه لا غيره.