(الأربعين.. تداعيات في أسطرة رؤى الماضي والحاضر) ح1
بقلم/ محمد طهمازي
الأسطورة من اسمها هي تسطير أي كتابة أو تدوين لحدث أو فكرة أو رؤية ما. وكان مصطلح الأسطورة والتسطير قد تعرّض لالتباسات وسوء فهم وتفاسير غير دقيقة إن لم نقل جاهلة للبعض أسست لقناعات مغلوطة ومفاهيم غاية في الزيف داخل أذهان الناس بمختلف مشاربهم بمن فيهم النخبة.. الأمر الذي أثر بشكل كبير على استخدام هذا المصطلح والأثر الذي يتركه في ذهن المتلقي ..
تعالوا نتأمل ما ورد في النص القرآني ذكر الأسطورة أو التسطير:
﴿ ن ۚ وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ ﴾ سورة القلم الآية:(1)
﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا حَتَّى إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ﴾ سورة : الأنعام الآية: (25)
﴿ إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ﴾ سورة القلم الآية: (15)
﴿ وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَىٰ عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ﴾ سورة الفرقان الآية (5)
﴿ لَقَدْ وُعِدْنَا هَٰذَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِن قَبْلُ إِنْ هَٰذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ﴾ سورة النّمل الآية: (68)
﴿ وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ ۖ وَجَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا ۚ وَإِن يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَّا يُؤْمِنُوا بِهَا ۚ حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَٰذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ﴾ سورة الأنعام الآية: (25)
﴿ وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَّكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِن قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَٰذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ﴾ سورة الأحقاف الآية: (17)
﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُم مَّاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ ۙ قَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ﴾ سورة النحل الآية: (24)
﴿ لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا هَٰذَا مِن قَبْلُ إِنْ هَٰذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ﴾ سورة المؤمنون الآية: (83)
﴿ إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ﴾ سورة المطفّفين الآية: (13)
﴿ وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَٰذَا ۙ إِنْ هَٰذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ﴾ سورة الأنفال الآية: (31)
وكما نرى فهي لا تحمل أي مفهوم سلبي, بل أن الله تعالى يُقسم بالقلم وما يُسطّر به, والله لا يقسم بأمر سيء أو سلبي, وأن السلبية الوحيدة في ما ذكر هي ناشئة من الجانب الآخر المعادي للرسول محمد صلى الله عليه وآله وللمؤمنين بدعوته بأنهم يؤمنون في اتهامه بأساطير الأولين التي يراها الطرف المضاد أفكار قديمة وأن الدين الذي صنعوه من خليط من أديان وثنية مستوردة من الحضارات المحيطة بهم هو الدين الحقيقي والحديث!
نرى مما تقدّم أن الأسطورة ليست بالمعنى السيء بل هي تشمل معنى التدوين الذي يوثّق أفكار الانسان وفهمه للحياة وللوجود ولخالق ذلك الوجود وللأحداث التي يراها والتي تحدث له ومواقفه من كل ذلك ومن الأمور التي يُحْدِثها البشر وسلوكياتهم وما يكسبون ويخسرون والحكمة التي يخرج بها من كل ذلك التأمل وإعمال العقل.. أي أننا هنا أمام مسيرة للمعرفة والبحث وهنا لا ننسى أن الحكمة هي غاية المؤمن!
يتبع ..